الرئيسية / أخبار / الجليد الدبلوماسي يذوب بين الخليج وإيران.. ماذا يعني ذلك بالنسبة للمنطقة؟

الجليد الدبلوماسي يذوب بين الخليج وإيران.. ماذا يعني ذلك بالنسبة للمنطقة؟

منتصف الشهر الجاري، أعلنت كل من الإمارات والكويت أنها ستعيدان سفراءهما إلى طهران بعد 6 سنوات من سحبهما. وتشير هذه الخطوة إلى أن الجليد الدبلوماسي في منطقة الخليج بدأ في الذوبان. وتشير تقارير إلى أن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” اقترح لقاء بين وزيري خارجية السعودية وإيران في بغداد، ما يعد دليلًا إضافيًا على تحول في الرياح السياسية الإقليمية.

ولا تعد هذه التطورات مفاجئة، فقد انخرطت الإمارات في حوار مع الإيرانيين منذ عام 2019 على الأقل وأوضحت أنها تبحث عن فرص للحد من خطر الصراع في المنطقة. في ذلك الوقت، قدم الإماراتيون قرار سحب قواتهم من اليمن باعتباره تأكيدا على رغبتهم في إزالة مصدر الاحتكاك الثنائي مع إيران.

ذوبان الجليد

كان المستشار الرئاسي الإماراتي “أنور قرقاش” أول من مهّد لقرار عودة سفير بلاده إلى طهران، وذلك في تعليقات للصحافة عشية اجتماعات الرئيس “جو بايدن” في منتصف يوليو/تموز الماضي مع قيادة مجلس التعاون الخليجي في جدة.

وبالرغم أن الكويت سحبت سفيرها من إيران في عام 2016 تضامنًا مع السعودية بعد الهجوم على سفارتها في إيران، فقد اتبعت الكويت سياسة معتدلة إزاء النظام الإيراني. وفي هذا الصدد، كلفها مجلس التعاون الخليجي بمهمة إقناع طهران بضرورة الانخراط في الجهود المبذولة لفتح قنوات للتواصل وحل القضايا البارزة بين إيران ودول الخليج.

وبالرغم من عدم وجود أي إشارة سعودية على استعدادها لإرسال مبعوث إلى طهران، لكن حفاظها على الحوار مع إيران (بوساطة عراقية) وكذلك استعدادها لترقيته يعد مؤشرا على اهتمامها بخفض التوترات. ومن المؤكد أن الكويت وأبوظبي نظرت إلى هذا كضوء أخضر لمتابعة التواصل الخاص بهما.

دوافع قلب الصفحة

ساهم عدم اليقين بشأن الالتزام الأمريكي بأمن المنطقة -خاصة في ضوء الرد الأمريكي الهزيل على الهجمات الإيرانية على الأصول الإماراتية والسعودية في عام 2019- في قرارات دول الخليج بالانخراط مع إيران.

لكن هذا ليس التفسير الوحيد للرغبة الإقليمية في “قلب صفحة” عقود من الحرب الباردة مع الجمهورية الإسلامية. فقد اجتمعت تداعيات الوباء العالمي والضغوط السياسية والاقتصادية المحلية والحاجة إلى تعزيز التنويع الاقتصادي لتدفع دول الخليج للتركيز على المشكلات في الداخل بدلاً من تحديات السياسة الخارجية.

وبالرغم أن اتفاقات “إبراهيم” (الإمارات، المغرب، البحرين، إسرائيل)  ومؤتمر النقب اللاحق (الإمارات، إسرائيل، الولايات المتحدة ، المغرب، مصر، البحرين) كان يُنظر إليهما على نطاق واسع على أنهما ترسيخ أوسع لتحالف إقليمي مناهض لإيران، فإن الإمارات – على وجه الخصوص – لم تحرص على وصف تطبيع علاقاتها مع إسرائيل كخطوة تستهدف إيران بشكل صريح، وإنما ركزت على الفوائد الاقتصادية والتجارية التي تعود على القطاع الخاص من خلال التعاون مع إسرائيل.

وبالرغم من هذه الخطوات لتقليل التوترات مع إيران، لا يزال من غير الواضح مدى تأثيرها على حل المشاكل الأوسع مع طهران. وتجدر الإشارة إلى أن إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة تتماشى مع أحد مطالب إيران المستمرة بأن تتم معالجة المشكلات الإقليمية داخل المنطقة (أي دون وجود الولايات المتحدة).

الانفراجات المحتملة

من غير المرجح أن تكون إيران على استعداد لمعالجة مسألة برامج الصواريخ البالستية التي كانت مصدر قلق إقليمي حيث يعتبرها الإيرانيون رادعًا ضروريًا ضد كل من إسرائيل والولايات المتحدة.

لكن التطبيع الدبلوماسي يحسن إلى حد ما من احتمال أن تكون إيران على استعداد للعب دور بناء في معالجة المصدر الثاني للتوتر الإقليمي وهو دعمها للتحركات المزعزعة للاستقرار التي يقوم بها وكلاؤها في المنطقة خاصة الحوثيين في اليمن.

وقال السعوديون باستمرار إنهم لم يسعوا للحوار مع إيران بشأن صراع اليمن، ويجادلون بأنها مسألة داخلية على الدول العربية أن تحلها بمفردها. ومن غير واضح أيضًا مدى تأثير إيران على قيادة الحوثيين، ففي حين أن الحوثيين سيشعرون بالتأكيد أنهم مضطرون للإصغاء للنصيحة الإيرانية، لكنه ليس من الواضح ما إن كانت إيران تمتلك القدرة أو الرغبة في إجبار الحوثيين على اتخاذ قرار إنهاء الصراع في غياب الرغبة الحوثية في ​​القيام بذلك.

ومع ذلك، فإن طهران تستطيع تحسين فرص التفاوض الناجح للتوصل إلى حل سياسي للصراع المستمر منذ 8 سنوات تقريبًا.

فوائد لأمريكا

إذا حدث المزيد من خفض التوترات الإقليمية في الخليج فسيكون ذلك مفيدا لإدارة “بايدن” في وقت تقترب فيه من مرور سنة على مفاوضاتها المستمرة للعودة إلى الاتفاقية النووية.

وتنظر دول الخليج إلى التهديد النووي الإيراني بشكل أقل حساسية من إسرائيل (على عكس برامج الصواريخ الباليستية). ومع ذلك، فإن المعارضة السعودية والإماراتية الصارمة للاتفاقية النووية عندما تم التفاوض عليها في عام 2015 لأنها لم تعالج أنشطة إيران الإقليمية، خلقت مشاكل سياسية محلية لإدارة “أوباما”.

وعلى افتراض أن العلاقات الدبلوماسية التي أعيد تأسيسها حديثًا بين طهران وجيرانها في الخليج توفر فرصًا لمناقشة المخاوف الإقليمية عبر القنوات الثنائية، فمن الممكن ألا يتم التعبير عن الانزعاج من قرار إدارة “بايدن” بإعادة الانضمام إلى الاتفاقية.