الرئيسية / أخبار / برلمان لبنان.. رئاسة سابعة محسومة لبري.. وحزب الله وحلفاؤه يخسرون الأكثرية النيابية.. وفراغ رئاسي محتمل

برلمان لبنان.. رئاسة سابعة محسومة لبري.. وحزب الله وحلفاؤه يخسرون الأكثرية النيابية.. وفراغ رئاسي محتمل

ستيفاني راضي

انقلبت الموازين في البرلمان اللبناني الجديد بفقدان قوى “8 آذار” (حليفة إيران وسورية) مقاعد لصالح كل من قوى “14 آذار” (حليفة الولايات المتحدة والسعودية)، و”قوى التغيير” في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت الأحد.

وخسر حزب الله وحلفاؤه الأكثرية في البرلمان اللبناني الجديد، وفق ما أظهرت النتائج النهائية للانتخابات التي أعلن وزير الداخلية بسام المولوي الدفعة الأخيرة منها الثلاثاء.

وكان حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد والمدعوم من طهران، يحتفظ مع حلفائه بقرابة سبعين مقعداً من إجمالي 128 في البرلمان المنتهية ولايته.

وتظهر نتائج الانتخابات أن البرلمان سيضمّ كتلاً متنافسة لا تحظى أيّ منها منفردة بأكثرية مطلقة، ما سيجعله عرضة أكثر للانقسامات وفق ما يقول محللون.

وأظهرت النتائج احتفاظ حزب الله وحليفته أمل، الحركة الشيعية التي يتزعّمها رئيس البرلمان المنتهية ولايته نبيه برّي، بكامل المقاعد المخصّصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً) في البلاد، بينما خسر حلفاؤهم مقاعد في دوائر عدّة.

والانتخابات هي الأولى بعد انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850 وبعد احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة، وانفجار مروّع في 4 آب/أغسطس 2020 في مرفأ بيروت أودى بحياة أكثر من مئتي شخص ودمّر أحياء من العاصمة.

وفازت لوائح المعارضة المنبثقة عن التظاهرات الاحتجاجية ضد السلطة السياسية التي شهدها لبنان قبل أكثر من عامين بـ13 مقعداً على الأقل في البرلمان الجديد، وفق ما أظهرته النتائج النهائية.

و12 من الفائزين هم من الوجوه الجديدة ولم يسبق لهم أن تولوا أي مناصب سياسية ومن شأن هؤلاء أن يشكلوا مع نواب آخرين كتلة في البرلمان، تكرّس نهجاً مختلفاً في العمل البرلماني، في بلد يقوم نظامه السياسي على محاصصة طائفية وتغليب منطق الصفقات.

ومنذ أربع سنوات، تربعت جماعة “حزب الله” وحلفاؤها، وأبرزهم “التيار الوطني الحر”، على عرش الأكثرية في البرلمان.

إلا أن هذا البساط سُحب منهم، مع ارتفاع عدد نواب كل من حزب “القوات اللبنانية” (حليف السعودية) و”قوى التغيير”، من دون منح الأكثرية لأي فريق وفق النتائج الجزئية المعلنة حتى الآن.

وأمام البرلمان الجديد استحقاقات داخلية عديدة، أولها انتخاب رئيس له، واختيار شكل الحكومة المقبلة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

ويقوم النظام السياسي اللبناني على أساس اقتسام السلطات والمناصب السيادية وفقا للانتماءات الدينية والطائفية.

وكرّس اتفاق الطائف لعام 1989، والذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990) معادلة اقتسام السلطة والمناصب الرئيسية على أساس المحاصصات بين المكونات الأساسية الثلاثة: المسيحيين والسنة والشيعة.

وتتوزع الرئاسات الثلاث بواقع الجمهورية للمسيحيين، والحكومة للسنة، والبرلمان من حصة الشيعة.

** رئاسة البرلمان

منذ عام 1992، ترأس نبيه بري (84 عاما) البرلمان اللبناني لست مرات متتالية، وهو رئيس “حركة أمل” حليفة “حزب الله”.

وعن فرص بري بتولي الرئاسة للمرة السابعة، قال الصحفي والمحلل السياسي فادي أبودية للأناضول، إن “الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) حصل على أصوات المقاعد الشيعية في البرلمان الجديد، وبالتالي لن يترشّح أحد بوجه نبيه بري، لذا لا مجال للتغيير”.

فيما قال الصحفي والمحلل السياسي طوني عيسى إن “غالبية النواب المسيحيين يريدون اختيار شخصية مختلفة عن بري، لكن عند الوصول إلى التطبيق يختلف الأمر، لأنه لا وجود لبديل آخر عنه”.

وتابع عيسى، للأناضول، أن “حصول الثنائي الشيعي على كل المقاعد (الشيعية) في البرلمان قطع الطريق على وصول أي شخص من خارج المنظومة لرئاسة البرلمان”.

واتفق معهما المحلل السياسي إبراهيم بيرم بقوله للأناضول إنه “لا يوجد نائب شيعي مستقل عن الثنائي الشيعي في البرلمان لكي يتم انتخابه”.

وأردف: “بري يحظى بتأييد كبير من حزب الله وحركة أمل وتيار المردة وبعض المستقلين.. والقوات اللبنانية وحزب الكتائب لم ينتخبا بري منذ دخولهما البرلمان”.

أما بالنسبة إلى “التيار الوطني الحر”، بزعامة جبران باسيل والذي يعاني إشكالات سياسية عدة مع بري، فقال بيرم إن “هناك مفاوضات بين الطرفين، ومن المحتمل أن يعطي التيار صوته لبري”.

** حكومة وحدة

في 22 مايو/ أيار الجاري، تعتبر الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي في حكم المستقيلة، من دون الحاجة إلى استقالة ترفعها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، ليكون لبنان على موعد مع تشكيل حكومة جديدة.

وعن سرعة تشكيل الحكومة من عدمه، قال أبودية: “إننا أمام مسار طويل لتشكيل حكومة، كون شكل المجلس النيابي يختلف عن كل السنوات السابقة، ولن نشكل حكومة بشكل سريع وسهل”.

وتابع: “إننا أمام لوحة نيابية معقدة، وننتظر لنرى مع من سيتحالف المستقلون في المجلس النيابي، لكي تتضح صورة التحالفات”.

أما بيرم فقال إن “البلد أقرب إلى نموذج حكومة وحدة وطنية أكثر من حكومة أكثرية”.

واعتبر أن “رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي هو الأوفر حظا لترؤس مجلس الوزراء المقبل، فهو على علاقة جيدة مع كل الأطراف في البلاد وخطابه ليس عالي النبرة، ويلقى تأييدا من دار الفتوى وهو ضمن نادي رؤساء الحكومات السابقين”.

واستطرد: “ميقاتي هو المؤهل الوحيد لإدارة هذه المرحلة”.

أما عيسى، فقال “بما أن المسافة الفاصلة بين اليوم وبين انتخاب رئيس للجمهورية قصيرة (31 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل)، فمن المحتمل أن تستمر حكومة ميقاتي بالعمل كحكومة تصريف أعمال، وهي التي ستدير عملية انتخاب رئيس الجمهورية”.

** فراغ رئاسي

تنتهي ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون في 31 أكتوبر 2022، حيث انتخبه أعضاء البرلمان عام 2016 وأنهى آنذاك فراغا رئاسيا استمر 29 شهرا.

وعن استحقاق رئاسة الجمهورية، قال أبودية إن “موضوع الرئاسة سيكون أمام محطة للسجال والمناكفة السياسية، ونخشى أن نقع في الفراغ، خاصة أن الفراغ سيأتي في ظل أزمات معيشية ونقدية ومالية كبيرة، لذلك ممكن أن يكون كالقنبلة في الداخل اللبناني”.

كذلك رأى عيسى أن “الكرسي الرئاسي أمام مأزق، فإما أن نقع في فترة فراغ، وإما أن يتم الاتفاق على اسم من خارج الرؤساء الموارنة الأربعة الأكثر تمثيلا وهم: سمير جعجع، جبران باسيل، سامي الجميل، وسليمان فرنجية”.

ورجح أنه “إذا تعقدت الأمور أكثر، فسيتمّ الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي تأتي ضمنه سلة متكاملة من الحلول منها حلّ مسألة الرئاسة”.

واعتبر بيرم أن “هناك 3 مرشحين متوقعين لرئاسة الجمهورية، هم سليمان فرنجية باعتباره ممثل فريق سياسي بالبلد ومقربا من حزب الله وسوريا، وسمير جعجع باعتباره زعيم أكبر كتلة مسيحية في البرلمان”.

وتابع: “المرشح الثالث، والذي سيعد كحلّ وسطي، هو قائد الجيش اللبناني جوزيف عون.. حظوظ رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل (صهر ميشال عون) قليلة بسبب العقوبات الأمريكية عليه”.

ولم يستبعد بيرم الوقوع في فراغ رئاسي، قائلا إنه “أمر وارد”.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، قال الرئيس عون إنه ينوي ترك منصبه بعد انقضاء فترة ولايته، مشيرا إلى أنه سيبقى في حال اتخاذ مجلس النواب قرارا لاستمرار توليه الرئاسة.

وجرت الانتخابات البرلمانية وسط أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة في لبنان، أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية الليرة مقابل الدولار الأمريكي، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.