عمر الكيش
العملية العسكرية الروسية الخاصة مازالت متواصلة من 24 فبراير حتي هذه الدقيقة وهذا النوع من العمليات الحرجة يحسب بالساعة واللحظة والدقيقة ، و الي الآن وبعد هذه الساعات الطوال لم تحقق اي من أهدافها التي اعلنتها روسيا الإتحادية إبتداءً من حياد أوكرانيا و نزع سلاحها الي اجتثاث النازية مرورا بحماية الدونباس والتخلي عن فكرة الانضمام للناتو ولا تنتهي عند ضرورة الاعتراف بضم شبه جزيرة القرم ، وكل يوم هناك سلالة متحورة من الأهداف تعلن عنها السيدة ماريا زخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية .
سيد الكرملين يريد إعادة نفس التجربة الجورجية في أوكرانيا وعملية (الأرغام علي السلام)العسكرية التي أطلقها فيها في الثامن من أب أغسطس عام 2008 اول تحرك عسكري خارج حدود روسيا الإتحادية بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي، عملية نمودجية تستحق ان تُدرس أجتاحت الاراضي الجورجية و وصلت جحافلها في اقل من مائة ساعة من تحركها مشارف العاصمة الجورجية تبيليسي، و أعلن الكرملين والقوات الروسية علي أبواب العاصمة لن نقتحمها و لا نريد إسقاط حكومتها المنتخبة ديمقراطيا ، وهذا هو ما تصرح به الآن السيدة زخاروفا (العملية العسكرية الخاصة تسير وفقا لما هو مخطط له و(لا تهدف لإسقاط النظام في أوكرانيا) والقوات الروسيةعلي بعد خمسة وعشرين كيلو متر من العاصمة كييف ، أهداف عملية الأرغام علي السلام المعلنة كانت حماية الأقليات الروسية من عمليات التطهير العرقي الذي تعرضت له ، ودعم الانفصاليين في إستونيا الجنوبية و أبخازيا والتي اعترفت بهم روسيا جمهوريتين مستقلتين عن جورجيا بعد عشرة ايام فقط من بدء العمليات الحربية ، قيل الكثير عن التخاذل الغربي وكيف ترك الغرب جورجيا لوحدها تواجه مصيرها ، وبرر البعض ذلك بان دورة الألعاب الأولمبية8 أغسطس 2008المقامة في بكين غطت علي أحداث المأساة الجورجية.
ولكن ؛جورجيا شئ وأوكرانيا شيئ آخر مختلف له خصوصيته الإستراتجية عند صانع القرار الروسي وعند الاوروبي والأمريكي ، فلادمير بوتين اعتبر أوكرانيا بدعة صنعتها حماقة البلاشفة رفاق لينين ، وشعبها الإكراني والشعب الروسي شعب واحد تشرذم في دولتين ،و بريجنسكي مستشار الأمن القومي الامريكي الملقب بداهية الأمريكان وأنه هو من نصب فخ الإنهيار للاتحاد السوفيتي ،لم تغيب عن ذهنه جغرافيا إستراتيجية بحجم أوكرانيا ووصفها في حال قوتها و ستقرارها بأنها ثقل موازن حاسم لروسيا ويجب ان تكون محور اهتمام الإستراتيجية الامريكية ،واذا سيطرة روسيا الاتحادية علي أوكرانيا يمكنها اعادة إمبراطوريتها ومن دونها لن تكون إمبراطورية،
لم يبالغ بريجنسكي في كلامه ، يكفي ان نعرف عن أوكرانيا انها ثاني اكبر دول الاتحاد السوفيتي من حيث المساحة بعد أذربيجان واربعين في المائة 40% من إجمالي سكانها الواحد والاربعين مليون من اصول روسية اغلبهم في اقليم الدومباس شرق أوكرانيا علي حدود روسيا الاتحادية ومنفذ الأسطول الروسي الي البحر الأسود وبحر ازوف بوابة الشرق الاوسط والبحر الأبيض المتوسط ومياهه الدافئة .
ظهر علي السطح الأوكراني بعض مما قدره القدر والكثير من دسائس الغرب في أحداث شهري كانون الاول ديسمبر 2013 وكانون الثاني يناير 2014 علي خلفية توقيع أوكرانيا (اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي) ، التي جمدها الرئيس الإكراني المخلوع فكتور يانوكوفتيش بضغط روسي تسبب هذا الرفض في اندلاع انتفاضة نصفها ملون والنصف الآخر تراجيدية، نجحة الاحتجاجات في إسقاط الحكومة و فر رئسها فكتور يوكوفتيش في 22شباط فبراير 2014 مذعورا الي الشرق الإكراني ومنها طار الي روسيا بعملية إجلاء نوعية روسية ظهر من هناك في بيان إعلان أنه لايزال الرئيس الشرعي لأوكرانيا الملتهبة .
تسارعت الأحداث بوتيرة مرعبة ، مشهد السيناتور جون مكين المبعوث رحمة للأوكرانيين والمبشر بالديمقراطيّة والانعتاق يحتضن الجماهير المنتفضة من قلب ميدان الاستقلال في العاصمة كييف ومعه هيلاري كلينتون توزع الكعك الامريكي علي المتظاهرين ، أفزعت مضاجع موسكو ، تحركت بسرعة و قلق للحد من خسائرها أعلنت عن ضمها لشبه جزيرة القرم بعد استفتاء شعبي ، و استفتاءات شعبية أخرى في اقليم الدومباس شرق أكرانيا أنتجت جمهوريات شعبية مستقلة اعترفت روسيا الاتحادية بهم مؤخراً في أشباط فبراير هذا العام 2022.
السؤول ماذا يريد فلادمير بوتين من أكرانيا؟ سناريو جورجيا ام هناك طبخة من نوع اخر وما هي أهداف العملية العسكرية الخاصة و المحددة بخطوط حمراء ؟ هو الآن يُفاوض وصفارات الإندار تولول في العاصمة كييف والقوات الروسية علي مشارفها هل ينسحب ام يقتحمها و يدخل من علي فوق اول دبابة روسية الرئيس الشرعي فكتور يانوكوفيتش !