الرئيسية / أخبار / الفلسطينيون يصححون التاريخ ويعيدون كتابته بدمائهم

الفلسطينيون يصححون التاريخ ويعيدون كتابته بدمائهم

فؤاد البطاينة

استطاع شباب فلسطين ومقاوتهم الأسطورية في أيام معدودة هدم كل ما بناه الفرنجة من أصحاب المشروع الصهيوني وكيانهم مع خونة الحكام العرب في فلسطين. وأسقطوا تجار القضية الفلسطينية ومستخدميها. وسقط الرهان على كل المشاريع الوهمية والإنهزامية التي كانت تؤسس لتصفية القضية. أنتصار المقاومة الفلسطينية اليوم يُسقط كل هزائم العرب العسكرية والسياسية ونتائجها، وينسف معاهدات الذل التي قامت كلها على ظهر فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني ويَصعق الأوروبيين المتوارين خلف شيطانهم الأكبر أمريكا ويعريهم.

الشعب الفلسطيني ومقاومته ينتصرون على القوة الأمريكية والغربية الغاشمة وعلى المخرجات السياسية والفكرية للحربين العالميتين. ويعيدون لقواعد التاريخ مكانها ولإرادة الشعوب مكانتها ولقضايا الشعوب مسارها وللقضية الفلسطينية طبيعتها الإحتلالية. القوة الغاشمة تترنح وتسقط في غزة فلسطين. جبن الغرب وأوباشه وجرائمه وهمجيته وانحلاله الخلقي يتعرى في غزة فلسطين، ويتعرى معه صمت الأفاعي في بقاع الأرض.

الحرب الدائرة اليوم على ارض فلسطين حرب أمريكية تخوضها بالنيابة عن الأوروبيين. أرادوها حاسمة علينا فكانت حاسمة عليهم. اعتدنا على القول بأن الإحتلال الصهيوني نقيضنا الأساسي، ولكن ماذا يكون موقفنا إذا عرفنا بأن هذا الإحتلال هو في الواقع أمريكي. لقد كنا نكتفي خطأً بتصنيف أمريكا دولة معادية وممعنة في معاداة واستعداء الشعب العربي وفي تبني كيان الإحتلال ودعمه عسكرياً وسياسيا. لقد سقط اليوم هذا التصنيف أمام تصنيفها الحقيقي. نتلمس تصنيفها الحقيقي هذا من كونها الدولة الأعظم عسكرياً وتبدو بنفس الوقت متخلية عن كل ذرة من سيادتها على سياستها الخارجيه المألوفة وعن شعاراتها حين يتعلق الأمر بالصراع العربي الصهيوني والإحتلال الصهيوني، ومن كون مواقفها من الكيان المحتل تبدو مهينة لنفسها وللشعب الأمريكي ودستوره ولأمواله، وهذا لا يُصدق ولا يمكن أخذه على عواهنه. ولا يمكن تفسيره غير أن الإحتلال احتلالها والحرب حربها وهذا هو تصنيفها الحقيقي. والحكومات الأوروبية مرتاحة لذلك وتعتبره دوراً قذراً تقوم به أمريكا نيابة عنها..

سقطت فكرة المشروع الصهيوني وتنذر برحيل امريكا والمشروع الاستعماري الغربي وقاعدته الصهيونية، إلّا أن أمريكا والغرب الذين احتلوا فلسطين تحت ذريعة دعم الصهيونية اليهودية لم يفعلوا ذلك غراما وطمعاً بفلسطين أو بالمقدسات ولا غراماُ باليهود بل اختباءً بهم وورائهم فهم أعداء بعضهم التاريخيين. بل احتلوا فلسطين غراماً بمشروعهم الاستعمار الاستراتيجي وخوفاً على أنفسهم من نهضة العرب بمواردهم الجغرافية والطبيعية. وكل عربي يعتقد بأن المطلوب هو رأس فلسطين فليتلمس رأسه فحتى لو كان هذا صحيحاً فلن يستوي للغرب وهناك دولة عربية واحدة بخير.أمريكا هي اليوم نقيضنا الأساسي، وما أمانا في فلسطين هو ظلها الحي بكل حركة وشكل

ما يحدث اليوم في فلسطين هو المفصل التاريخي للشعب العربي يصنعه أبطال فلسطين بشعار،،كل فلسطيني مشروع شهيد لا يستشهد بالمجان،،.ولن يسكت الغرب أو يعيد حساباته قبل أن يستنفذ حكامه الخونة والعملاء.. الشعوب العربية في أقطارها مُطالبة اليوم باستغلال هذا المفصل وإيصال رسائل عملية لأمريكا والغرب وحكامهم في كل شارع ومرفق وفرض فلسطين قضية وطنية لكل قطر. تنكس الأعلام القطرية كلها ويبقى العلم الفلسطيني مرفوعاً على الأكف لحين ارتفاعه على فلسطين كلها فذلك هو يوم استقلالنا الذي نرفع فيه أعلامنا. شعوبنا اليوم في مواجهة أمريكا ومن ورائها أوروبا وأنظمة الخيانة.

لا كلمة اليوم فوق كلمة الدم الفلسطيني. الفلسطينيون اليوم يصححون التاريخ بمصطلحاته ومفاهيمه وسرديته ويعيدون كتابته من جديد بعد أن شوهته وزورته اليهودية التي خُلقت صهيونية عدوة للإنسانية، وتقبله الغرب المتواطئ لترسيخ الإحتلال والإستعمار. وإلى كل جهة إسلامية أو عربية مسؤولة أن تتوقف عن المشاركة بلعبة وطن ومقدسات وتاريخ وشعب بطرح الحلول لقضية احتلال لها حل واحد هو التحرير. أرض فلسطين كلها لشعبها العربي ومقدساتها كلها لشعبها العربي. لم يكن في فلسطين شبراً واحداً للحظة واحدة من التاريخ تحت سيادة اليهود لغاية عام 1948 ولا أثر ديني لهم في فلسطين. لا تصالح ولا حلول ولا سلام ولا استقرار يمكن أن يقوم على التنازل بذرة تراب من فلسطين من البحر للنهر مهما طال الزمن. فوحدة أراضيه وسلامتها مقدسة لا تقبل الإنتقاص منها تحت أي ظرف. فالأوطان لا تُهدى وفي عقيدتنا دونها الشهادة.

وبهذا استمعت في غمرة انتصار المقاومة الفلسطينية إلى أصوات ً كثيرة تعاود الكلام بحل الدولتين وهذا موضوع من خارج النص الفلسطيني والتاريخي ومن خارج أجندة الشعب الفلسطيني فلا شراكة لمحتل أو غريب في الوطن. واستمعت لاقتراح بتشكيل لجنة ثلاثية من الأديان الثلاثة لتنظيم الإشراف على المقدسات، وبهذا اقول ليس لليهود أي أثر ديني في فلسطين. فحائط المبكى بتت في طبيعته وملكيته لجنة دولية تابعة لعصبة الأمم عام 1930 وكلها من دول أوروبية وخرجت بقرار في ضوء ما قدمه الطرفان من وثائق تاريخية تم تفحصها ومناقشتها في 31 جلسة، نصه بأن،،للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط لكونه جزءا لا يتجزأ من مساحة الحرم ويمثل احد جدران المسجد الأقصى وأن زيارته من قبل اليهود كانت منحة عثمانية محددة بشروط،،. أما الهيكل فكلمة كنعانية تعني معبد وكان في تلك الفترة عشرات المعابد في فلسطين لعقائد مختلفة. وإذا كان لليهود وجود هناك ومعبد ليهوة فقد زال مع غيره. واستخدمت اسرائيل منذ عام 67 كل أدوات الاستكشاف الاثاري وخبراء العالم واجرت حفريات على مدى سبعين عاما ولم تعثر على أثر لمعبد اوهيكل. فهو كذبة سخيفة.

وفي الختام، الأنظمة العربية ستلقى مصيرها المحتوم ما لم تلحق نفسها طوعاً. الأردن صنو فلسطين بموقعه الجغرافي في الوطن العربي. والتغلغل الأمريكي فيه هو الأعمق، ونظامه هو الأكثر تورطاً وعناداً في تسليم مصيره ومصير القطر، فالأردن من أقوى الدول المرشحة للقاعدة الأمريكية لاستئناف المشروع الإستعماري في الوطن العربي. لكن هذا النظام هو الأضعف بشعب هو الأقوى والأكثر تضرراً والأكثر ارتباطاً بفلسطين. وسكون هذا الشعب هو الرقم الأصعب والأكثر حذراً والأصلب عوداً ولن يشهد التاريخ بمتانة وحدته وشراسة مقاومته. ما يجري في فلسطين ينعكس وينطبق بحذافيره على الأردن إنها حربه وهي فرصته.

كاتب وباحث عربي