الرئيسية / أخبار / ماذا يعني حين تقول رغد صدام حسين عن لعبها دور سياسي قادم: “كل شيء وارد”

ماذا يعني حين تقول رغد صدام حسين عن لعبها دور سياسي قادم: “كل شيء وارد”

خالد الجيوسي

مُرتديةً الكِمامة، وبكامل أناقتها باللّونين الأزرق والأسود، حريصةً على وضع علم بلادها العراقي قبل الاحتلال الأمريكي الرسمي على طرف الجزء العلوي من ملابسها وشعار الجمهوريّة العِراقيّة “النسر” الشهير، ومُحافظةً على آداب السلام المُتباعدة في زمن الكورونا، أطلّت ابنة الرئيس العِراقي الراحل صدام حسين السيّدة رغد، وألقت السلام على طاقم فريق قناة “العربيّة” الحاضر لتصوير لقاءها مع الشاشة السعوديّة، وببعض الموسيقى الحماسيّة جرى الدخول إلى اللقاء الحواري المُرتقب معها، وهو من ضمن الإطلالات القليلة التي ظهرت بها ابنة الراحل رئيس العِراق.

التساؤلات قد تكون مطروحةً، حول سِر اختيار السيّدة رغد للشاشة السعوديّة، والأخيرة (القناة) بطبيعة الحال معروفةٌ بسياساتها التحريريّة المُعادية لإيران، فيما لم تختر الظّهور مثلاً على الشاشة المُنافسة قناة “الجزيرة” القطريّة، وهو ظُهور إعلامي مُسجّل، في زمن تصدّر القيادات الإعلاميّة المُقرّبة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالمحطّة المذكورة، حيث الأخير له اهتمام إعلامي بتوسيع امبراطوريّات بلاده الإعلاميّة، والاستثمار بقنوات جديدة، آخرها قناة “الشرق” .

أدار اللقاء الإعلامي الجزائري الشاب صهيب شراير، وبدأ فيه سُؤاله عن المرحلة التي مرّت بها عائلة الرئيس الأسبق الراحل بعد سُقوط بغداد ومُرور 17 عاماً، فقالت السيّدة رغد مرحلة الاحتلال صعبة سكنت بسورية لأشهر قليلة، وسكنت بعدها بالأردن حتى الآن، ومرحلة الدفاع عن والدها لثلاث سنوات صعبة، وأكّدت بأن المرحلة لم تكن سهلة، وأنّ مُحاكمة الرئيس كانت الأصعب في تلك الفترة، ودخول والدها السجن لم يكن سهلاً.

وحول بُعدها عن العراق، ووضعه حاليًّا، قالت السيّدة رغد، مر العراق بمراحل صعبة، وفقدت الناس أحبابها، وهي لا تستطيع اختصار الوضع وتحتاج لسنوات للحديث عنه، والعراقيين تحمّلوا الكثير، وأضافت نحن أسياد وطن، وحين تختار موقع القيادة، عليك تقديم الشهداء هذا واجبنا تجاه الوطن، البلد لا يصلح بأن تعيش فيه بحالة الرخاء فقط، ويجب أن تتحمل البلد بكُل أحواله.

وحول سؤال ما إذا كان العراق أفضل وقت صدام حسين، هُنا رأت السيّدة رغد، بأن شهادتها مجروحة لو قالت بأنّ العراق أفضل وقت والدها، وسيقولون بأنها ابنته وتقول ذلك، لكنّها أكّدت بأنها سمعت من الكثير بأنّ “وقتنا” أفضل، وكان وقت عز، والناس تعيش بعز وتقدير عالي، ولا أحد يستطيع الإساءة لهم، أمّا من يُسيء لحالة مُعيّنة تمس خُطوط السلطة، فكان يكون التعامل معه بشكل آخر، وقد يميل التعامل معه إلى القسوة.

وشدّدت ابنة الرئيس الراحل، على أن العراق كان بلد مستقر وثري، وخيراته كثيرة والناس كانت “عايشة”، ومأمّنة على أولادها، حياتها، رزقها، بالقدر المُمكن، ومع الصّعوبات التي عايشتها الناس.

يسأل المُحاور مُقاطعاً رغد، ويقول بأن العراقيين وفق قول قائل كانوا يعيشون حياة أفضل، لكن لم يكونوا يتمتّعوا بالحريّة في زمن صدام حسين، لتُجيب السيّدة بالقول: “ماذا تعني الحرية، إذا كانت الحرية ما جلبها الاحتلال، بشعار قضينا على الديكتاتوريّة، وجلبنا الديمقراطيّة، فالعراقي بحسبها سيُجيب قبلها، بأنه لا يُريد هذه الحريّة”.

وحول سُؤال ما إذا كان على المواطن العربي الاختيار بين الحريّة والرخاء، وعدم جواز حصوله على كليهما، قالت رغد، عندما تكون بلد ذات سيادة، ورئيسك الرئيس صدام، والعراق ميزان المنطقة، عليك الاختيار، وليس بالسّهولة أن تعيش رخاء ومرتاح مع ناسك، دون أن يُزعجك الآخرين، ووالدي لم يعشق الحُروب، فهو مُجبر على اتّخاذ القرار أمام نفسه، ومسؤوليته الأخلاقيّة.

وكان لافتاً أن المحطة السعوديّة، قد اختارت تصريح قديم لصدام حسين لتبثّه ضمن المُقابلة، وهو يتحدّث عن دخول الإيرانيين بأراضي العراق خمسة كيلو متر، وتأكيده كي يفهم الشعب العراقي حقيقة هذه النوايا، ويقمع هذه الأطماع، وهو لعلّه تصريح يتشابه مع تحذيرات العربيّة السعوديّة اليوم من التدخّلات الإيرانيّة، على اختلاف المشهد السياسي، وفارق الأسباب التي تُروّجها المملكة حول سبب عدائها لإيران في المنطقة، فالرئيس صدام حسين لم تكن بكل الأحوال على قائمته مسألة التطبيع مع العدو الإسرائيلي طِوال فترة حُكمه، ولن يُفكّر بالاتحاد اليوم مع إسرائيل للوقوف بوجه أطماع طهران، وذلك كما تقول أدبيّات الدول المُطبّعة التي ترى في إسرائيل حامياً لها من إيران.

وعبّرت رغد صدام حسين عن قلقها من تقسيم العراق، ولا تتمنّى أن ترى هذا اليوم، حيث أصبح أحد الخيارات المطروحة، وحول التدخّل الإيراني بالعراق والدول العربيّة، أكّدت رغد بأن الإيرانيين استباحوا بلدها بعد غياب السلطة الشرعيّة الحقيقيّة، وبات البلد محطّة سهلة، ولا يوجد ردع حقيقي، والتدخّل الإيراني بات سافرًا بحسبها.

هل تُحاولين تقديم نفسك بمنصب ما في العراق، هكذا تتداول منصّات التواصل الاجتماعي عنك، تُجيب رغد، أنا عراقيّة، والعراق بلدي، وليس من الخطأ تقديم نفسي بتلك الطريقة.

وحول قسوة والدها الرئيس، تقول رغد بأنه كان لطيفاً خلال طُفولتها، ويذهبون معه إلى الصّيد، وركوب الخيل، والسباحة، وحين كان يدخل على العائلة العراقيّة، كان يكون لطيفاً معها، ويُقبّل أولادها، والقسوة كانت باتّخاذ القرارات، وهي ليست مع القسوة المُطلقة، وعلى عكس ما يجري ترويجه عن شخصيّة صدام حسين، بأنه كان قاسياً، وليس حنوناً.

وعن تصدّرها مشهد الدفاع عن والدها، قالت بأنها كبيرة شقيقاتها، وهذا الأمر له أمر اعتباري، والتّسلسل مُهم، والاحترام بيننا، وثقة الوالدة ساجدة بنا كانت كبيرة، وأحمل جينات الوالد والقُدرة على الإدارة.

وشدّدت ابنة الرئيس العراقي في نهاية الجزء الأوّل من مُقابلتها، بأنّ بنات صدام حسين، ووالدتها، لم يكن لهن دور سياسي لا من قريب ولا من بعيد، ووالدها لم يمنع ذلك، بل لم يكن الأمر مطروحاً أساساً، وهي لم تُفكّر بالأمر السياسي، وكانت ترفض السياسة، وكانت تتمنّى الارتباط برجل من خارج الوسط السياسي، ولا تحتاج تُؤكّد بأن يكون لها دور وسط هؤلاء الرجال العمالقة في عائلتها، التي كانت تشعر بالأمان معهم، ولم يكن لها دور سياسي عند الاحتلال الأمريكي، وبعده حتى إلقاء القبض على والدها، حيث تصدّرت للدفاع عنه، واتّخاذ قرارات يجب أن تتحمّل كُل أبعادها.

وحول دور سياسي أكبر قد تلعبه ابنة الرئيس العراقي الراحل أكبر من الدفاع عنه في وقتها، بدت السيّدة رغد كأنما تُريد أن ترمي قنبلة نهاية مُقابلتها بشقّها الأوّل، فأجابت والابتسامة مرسومة على وجهها: “كل شي وارد، ومطروح على الساحة، كل الخيارات، وكل الاحتمالات”، وهذه الإجابة لعلّها قد تُعزّر تساؤلات المُراقبين حول سِر توقيت ظُهور السيّدة رغد، والبحث عميقاً في كُل هذه الاحتمالات الواردة التي تحدّثت عنها للعب دور سياسي قادم.