لا نَستغرِب، ولا نَستبعِد، أن يشهد العام الحاليّ الجديد نهاية الحرب في اليمن، وانسِحاب القوّات السعوديّة والإماراتيّة بشكلٍ نهائيٍّ مَقرونًا باعتِرافٍ بالفشل والتّفاوض مع حركة “أنصار الله” الحوثيّة وحُلفائها على اتّفاق سلامٍ نهائيّ.
ففي ظِل التقدّم الكبير الذي تُحقِّقه قوّات تحالف “أنصار الله” في مأرب، بعد السّيطرة على مُديريّة نهم بوّابة صنعاء الشرقيّة، بات واضحًا أنّ الحرب اليمنيّة تلفُظ أنفاسها الأخيرة وربّما لن تُكمِل عامَها السابع، فاتّفاق ستوكهولم انهار، أو بات في غُرفة العناية، المُركّزة في أفضل التّوصيفات، والتّطورات الميدانيّة على الحُدود السعوديّة اليمنيّة تُؤكِّد بأنّ الحوثيين باتَ لهُم اليَد العُليا.
بالأمس أعلن العقيد يحيى سريع، المتحدّث باسم قوّات أنصار الله، أنّ حركته شنّت هجمات مُكثّفة بالصّواريخ والطّائرات المُسيّرة على أهدافٍ في جنوب المملكة من بينها مُنشآة لشركة أرامكو في جيزان، ومطارات أبها وجيزان وقاعدة خميس مشيط العسكريّة، وأرفق تصريحاته هذه بصُورٍ وفيديوهات، ولم يَصدُر أيّ نفي من الجانب السعوديّ حتّى كِتابة هذه السّطور.
هذه الهجَمات وحسب العميد سريع “جاءت ردًّا على التّصعيد الجويّ للعُدوان السعوديّ خِلال المعارك الأخيرة في شَرق وشِمال صنعاء”، ويبدو أنّ هذا التّكتيك العسكريّ، أيّ الرّد على الهجَمات السعوديّة بقصف أهدافٍ ومُنشآت في جنوب المملكة بدَأ يُعطِي ثِماره مَيدانيًّا وسِياسيًّا ومَعنويًّا.
لا نُجادل مُطلقًا بأنّ حركة “أنصار الله” تحظى بدَعمٍ عسكريٍّ من إيران، والحوثيّون لا ينفون هذه الحقيقة، ويُؤكِّدون أنّهم باتوا جُزءًا أصيلًا من محور المُقاومة، وهذا لا يُعيبهم مُطلقًا، إذا كان الطّرف الآخر يعقد صفقات أسلحة أمريكيّة بمِئات المِليارات من الدّولارات، ويستقبل حواليّ 3000 جندي أمريكي ومَعدّاتهم المُتقدّمة لحِماية المُنشآت النفطيّة في بقيق وخريس، ويدفع مِليار دولار لتغطية النّفقات، فلا حِماية مجّانيّة عند دونالد ترامب.
عندما تُعلن الحُكومة السودانيّة الجديدة عن سَحب 10 آلاف مُقاتل سوداني، يُشاركون في حرب اليمن، وتُخطِّط لسحب خمسة آلاف آخرين في الأشهر المُقبلة تخفيضًا للخسائر، وتُقلِّص دولة الإمارات وجود قوّاتها بشكلٍ مُتسارعٍ وتفتح حِوارًا مع إيران لتجنيب مُدنها وأراضيها أيّ هجمات صاروخيّة مُماثلة لتِلك التي استهدفت عصَب الصّناعة النفطيّة السعوديّة في بقيق وفشل الأنظمة الدفاعيّة الأمريكيّة الصُّنع في التصدّي لها، فإنّ هذا يعني أنّ نهاية الحرب مكتوبةٌ على الحائط، وأنّ البحث جارٍ حاليًّا عن مخرجٍ سريعٍ من هذه الحرب، وهو مَخرجٌ ستُملِي حركة “أنصار الله” مُعظم شُروطه إن لم يَكُن كلّها، واللُه أعلم، وما علينا إلا الانتظار.