د. شهاب المكاحله
استعرضت في المحاور السابقة من التقرير الاستخباراتي نبذة يسير عن النقاط الرئيسة في كل محور وهنا سأتناول المحور السابع الذي يُعنى بنشوء دول وتوسع أخرى واختفاء البعض الآخر.
يُعد الشرق الأوسط نظاماً إقليمياً ديناميكياً غير منظم، علاقات دوله متقلبة ما يستدعي في ظل غياب قوة إقليمية متوافق عليها إلى تدخل خارجي. وهنا لا بد من إعادة ترتيب أوضاع المنطقة وفق مصالح القرن الواحد والعشرين للدول الكبرى تارة بخلق مشكلات داخلية للدول وأخرى بينية تستدعي تدخلات خارجية، لذلك يرى التقرير أنه لا بد من اللجوء إلى التلويح بالتغيير للأنظمة وآلية الحكم وحدود الدول بما يراعي مصالح الدول الخارجية التي تتدخل لراعية مصالحها.
هنا لا بد من ممارسة المزيد من الضغوط الدولية على دول الشرق الأوسط لفرض سياسات القوة على النظام الإقليمي لتفتيت النظام الإقليمي والنسيج العربي له بما يخدم مصالح الأقليات العرقية فيها وتشكيل دول من دول (٣٥ – )٤٠ دولة لتفتيت حلم الوحدة بين الدول وخلق المزيد من التوترات لأنظمة الحكم والتهديد دوماً بتغييرها والتلويح بتغيير الدساتير فيها حول طبيعة نظام الحكم والصلاحيات بما يخدم أجندات الدول الخارجية. وهنا يتم التدخل بالدول الأفريقية أولاً ثم دول حوض النيل ويليها جنوب الجزيرة العربية تتسع شمالاً إلى الحدود التركية الإيرانية.
ويشرح التقرير تلك السياسة الخارجية للقوى العظمى في الشرق الأوسط على أنها سياسة تدخلية ويصفها بعض الخبراء بالاستعمارية على نمط الاستعمار القديم الذي يستعبد الأرض والشعب وينهب الخيرات وهنا في الاستعمار الحديث ليس شرطاً التواجد العسكري أو المادي للدول الكبرى بل يكفي أن ترشح وكلاءها وعملائها للعمل وفق الأجندات المرسومة.
ويشير إلى أنه لا بد من تأجيج الصراع العربي-العربي لا على أساس الحرب الباردة بل على أسس عسكرية وعمليات حربية مدعومة خارجياً عبر الأنظمة الراديكالية التي تحدثنا عنها في محور سابق لتصبح الدول العربية تحارب بعضها يطيح بعضها بالآخر على أسس أيديولوجية وعقدية ومواردية. وسيشمل ذلك دولاً لا موارد لها تحارب دولاً لديها الموارد بدعم خارجي.
يمكن القول إن الشرق الأوسط هو بؤرة الأزمة العالمية المعرض للأزمات واحدة تلو الأخرى بشكل دائم فلا بد من أن تعم الفوضى وانعدام الأمن تلك المنطقة من أجل ممارسة القوى الكبرى شعائرها السياسية وطقوسها العسكرية. وهنا، حسب التقرير، لا بد من إبقاء الدول الجديدة المولدة من دول حالية غير مستقرة وخلق مشاكل داخلية للدول الحالية عبر ثورات شعبية وثغرات أمنية وصراعات حزبية ما يجعل تلك الدول أمام خيارين لا ثالث لهما إما الرضوخ لإرادة الشعب التي تعتمد على قوى خارجية في الغالب أو استدعاء قوى خارجية لحماية أنظمتها بعد التعهد بتقديم الولاء لتلك القوى.
.