الرئيسية / أخبار / القمة العربية الثلاثون … تساؤلات تحتاج لإجابه في بيانها الأخير

القمة العربية الثلاثون … تساؤلات تحتاج لإجابه في بيانها الأخير

د. سماء سليمان

 ملف تطورات الصراع العربى الإسرائيلى
من المؤكد طرح مسألة حل الدولتين أو ما يعرف إعلاميا بـ “صفقة القرن”، وذلك فى إطار ما إنتهى إليه جاريد كوشنير من زيارات متتابعة لعدد من دول عربية لمناقشة الأبعادتعقد القمة العربية هذا العام في دورتها الثلاثون في تونس خلال الفترة من  مارس 2019 وسط خضم من التحديات والتهديدات التي تواجه العديد من الدول العربية ويأتي على رأسها ملف الإرهاب وملفات القضية الفلسطينية واليمن وليبيا وسوريا والسودان والجزائر والعراق.

تأتي القمة بعد إعلان الرئيس الأمريكي رونالد ترامب انتهاء تنظيم داعش في سوريا والذي ظهر بعده مشكلة الإرهابيين العائدين من سوريا وكيف ستستقبلهم دولهم الأصلية خاصة أن هناك توجها في أغلب الدول الغربية بعدم استقبالهم، خاصة أنهم في حالة عودتهم من المتوقع أن يلجأوا إلى تنفيذ عمليات على صيغة الذئاب المنفردة ثم بعد ذلك يتم تجميعهم في جماعات جديدة داخل الدول المستقبلة لهم لتبدأ موجة جديدة من التقسيم والتفتيت للدول العربية، هل بقدرة الدول العربية اتخاذ موقف مماثل للدول الغربية برفض استقبال هؤلاء والنص على ذلك في بيان القمة، أم ستطرح حلال بديلا لهذه الأزمة؟

كما تأتي القمة في مرحلة حرجة للقضية الفلسطينية حيث نقلت الولايات المتحدة الأمريكية سفارتها إلى القدس ونشهد نقل بعض الدول الصغيرة تباعا سفارتها مما يقنن وضعا للقدس يصعب معه التفاوض حولها وخروجها من قضايا الحل النهائي، فضلا عن اتخاذ إسرائيل لقطاع غزة كفرصة لتعزيز موقف رئيس الوزراء سواء على المستوى السياسي وخاصة في انتخابات الكنيست مثلما يحدث منذ عدة أيام من قصف للقطاع ، وفي الوقت نفسه، هل لدى الدول العربية القدرة على قطع علاقاتها مع الدول التي تقوم بنقل سفاراتها للقدس والنص على ذلك صراحة في بيانها؟

فضلا عن ما يتردد منذ تولي الرئيس الأمريكي ترامب من وجود صفقة للقرن لحل القضية الفلسطينية، وهي الصفقة التي يمكن القول أنها لن تكون نصا مكتوبا بقدر ما ستكون تطبيق مباشر على الأرض لها يتسم بالمفاجئة، كما يمكن القول انها ليست صفقة خاصة بالقضية الفلسطينية فقط ولكنها خاصة بتنفيذ استراتيجية أمريكا التفتيتية لمنطقة الشرق الأوسط بما يضمن لها الزعامة على المنطقة وضمان تمدد إسرائيل وبقائها ويدلل على ذلك قرار ترامب الأخير بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.

وبالتالي تعتبر الأزمة السورية والتي يغيب ممثل لها عن القمة هذا العام، وإشكالية خروج سوريا من تحت العباءة العربية خاصة لوجود دول عربية حاربت على أرضها ومولت جماعات إرهابية لإسقاط نظامها ، ومن ثم سوف تبقى سوريا في حالة تعاون مع دول إقليمية أخرى خاصة إيران، ولكن تبقى القضية الأساسية وهي إعادة إعمار سوريا، وبالتالي هل سيكون للقمة قولا في هذا الصدد على سبيل المثال تخصيص ميزانية لإعادة الإعمار في سوريا أم لا؟ هل ستنجح القمة في استعادة دمشق لمقعدها بالجامعة العربية بعد غياب  7 سنوات من تجميد عضويتها؟

إن استمرار القتال في اليمن يجعل من الدخول في مرحلة التسوية السياسية أمرا صعبا، ويفاقم من تدهور الوضع الإنساني خاصة أن هذا الملف يعكس توازنات القوى بين دول إقليمية وخاصة السعودية وإيران ومن ثم يجب أن تعكس هذه التسوية مصالح كلا الطرفين، هل لدى القمة القدرة على اتخاذ قرار يساعد تعزيز الشرعية في اليمن أم لا، وهل يمكن دفع الملف نحو تنفيذ اتفاق السويد لوقف إطلاق النار في الحديدة؟

منذ بداية القضية الليبية وكثير من المحللين يتوقعون تقسيم ليبيا إلى ثلاثة ولايات، وهذا ما يعدد تهديدا للأمن القومي العربي، ولذا شهد هذا الملف حرص مصري كبير بإعادة توحيد المؤسسة العسكرية والعمل على تفعيل الحل السلمي وتحقيق الاستقرار وتوحيد أطياف الشعب الليبي بما يساعد على اجتياز الانتخابات التشريعية وبما يحقق الأمن والاستقرار للدول، هل من الممكن أن يكون هناك جديدا في بيان القمة تجاه القضية الليبية؟

ونظرا لطبيعة القضايا التي تمر بها الدول العربية، هل من الممكن أن تخرج القمة بنتائج مؤثرة تساهم في معالجة الملفات العربية الراهنة، لاسيما الملف السوري واليمني والفلسطيني والليبي، ومكافحة الإرهاب؟

حتى نكون أكثر واقعية، لابد من الاعتراف أن تسوية قضايا المنطقة لم تعد في يد الدول العربية ولكنها أصبحت أسيرة الصراع الدولي على شكل النظام العالمي ما بين أحادي القطبية ومتعدد الأقطاب ومن ثم نجد امريكا تحاول أن يكون لها اليد الطولى في قضايا المنطقة لأنها لن تسمح لأي قوى أخرى بالسيطرة عليها وخاصة الصين وروسيا كما لن تسمح لهما بالسيطرة على خطوط الغاز والنفط في المنطقة لتظل أمريكا المسيطرة على تحقيق التنمية الاقتصادية ومن ثم العسكرية لتحول دون سيطرتهما على القرار السياسي في هذه المنطقة، هذا بالإضافة إلى انه من الملاحظ عدم وجود روسيا في كل قضايا المنطقة وخاصة اليمن وليبيا ولكنها تحاول أن تجد لها دور فاعل فيها على الرغم من تركيزها على الدور الاقتصادي وخاصة في مجال الطاقة.

ومن المتوقع أن يستمر الصراع بين أمريكا وروسيا لتقليل نفوذها في سوريا والذي تعتبره روسيا إنجازا لها تسعى ليكون ركيزة للانطلاق منه إلى باقي المنطقة ولكن في ظل الصراع القائم سوف سيتم التركيز من قبل أمريكا على تقليل المكاسب التي حققتها روسيا في المنطقة، خاصة من الناحية الاقتصادية بالضغط على كلا من تركيا وإيران.

كما تحاول الصين النأي بنفسها عن التدخل السياسي في دول المنطقة ومتحججة بأن سعيها لبناء قاعدة عسكرية لها في جيبوتي لحماية طرق تجارتها، ولكن من المتوقع أن تجبر مبادرة طريق الحرير الصين للتدخل السياسي في المناطق التي سيمر منها بما فيها منطقة الشرق الأوسط.

ووسط هذا الصراع الدولي والإقليمي، اصبح الشغل الشاغل للدول العربية هو المحافظة على الدولة الوطنية ومؤسساتها انطلاقا من سياسة رد الفعل وليس الفعل الاستباقي وذلك لافتقار الدول العربية لآليات للإنذار المبكر قادرة على التنبؤ بالأزمات المحتملة بدلا من الدخول في أزمات يكمن حلها في يد القوى الدولية أكثر منها في يد القوى الإقليمية التي هي أداة في يد القوى الكبرى.

لذا أصبحت التحديات والتهديدات المطروحة أمام القمة العربية الثلاثين أكبر من قدرات الدول العربية طالما غاب عنها الإرادة السياسية والرغبة في تفعيل العمل العربي المشترك، والثقة المتبادلة بين الدول العربية وكثرة الخلافات السياسية بين الأنظمة العربية.

ومن ثم يمكن القول أن القمة العربية وغيرها من القمم الأخرى يجب أن يكون تركيزها على القضايا الاقتصادية أكثر من السياسية، وزيادة حجم التجارة البينية بين الدول العربية وزيارة الاستثمارات العربية حتى تكون أداة لتعزيز مصالح هذه الدول والشعوب ليكون الاقتصاد قاطرة تحسين العلاقات العربية -العربية وبداية لتقليل الاحتقان بين الدول العربية، ولذا هل سيشهد البيان تعزيزا للعلاقات الاقتصادية بين الدول العربية؟