جاء لقاء رؤساء هيئات الأركان للدول الثلاث تحت عنوان عريض هو، التنسيق في إطار متابعة مكافحة الإرهاب، وعندما يؤكد رؤساء هيئات الأركان على ضرورة خروج القوات الأجنبية من إدلب وشرق الفرات وسحب جميع القوات الأجنبية المتواجدة على الأرض السورية دون موافقة الدولة السورية هذا يعني الكثير.
خاصة أن عقد اللقاء في دمشق له رمزية كبيرة قد تخلط أوراق الطرف الآخر في أدق لحظات الحرب على سورية حسب الخبراء، ويأتي تصريح وزير الدفاع السوري العماد علي أيوب أن أي وجود عسكري لأي دولة من دون دعوة سوريا هو احتلال ويحق لسوريا الدفاع عن سيادتها، وإدلب ليست استثناء وستعودة للسيادة السورية. ليؤكد وزير الدفاع السوري مدعوماً بتصريحات عراقية إيرانية حازمة ومودهة بدقة على أن خطة ما يتم دراستها بين الأطراف الثلاثة على المستوى العسكري بما يخص قادمات الأيام في سورية والعراق ضد ما تبقى من التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم “داعش” الإرهابي (المحظور في روسيا).
ماهي الرسائل التي وجهها رؤساء الأركان ضمناً ولمن بالدرجة الأولى؟
هل لنا أن نقرأ متغيرات ميدانية يتم التحضير لها في المشهد الميداني؟
إذا ماكان تم الإتفاق فعلياً على إستراتيجية ميدانية ثلاثية أين تكمن أولوية العمل الميداني؟
هل تم تحديد مصير إدلب وشرق الفرات، وهل يمكن أن يتعدى الأمر إلى الجولان السوري المحتل؟
الخبير الأمني الإستراتيجي الدكتور أحمد الشريفي يرى أن:
“هناك جملة من الرسائل، ولكن في تقديري هذه الرسائل لم تأخذ بنظر الإعتبار نوع طبيعة وشكل النظام السياسي في العراق، أو مستقبل النظام السياسي في سورية، فضلاً عن أنها لم تراعي قضية التوازنات الدولية والتحالفات في مجال التعاون العسكري بين العراق والولايات المتحدة وبين سورية وروسيا، وفيما يتعلق بالنظام السياسي، المؤسسة العسكرية ليست حرة، وإنما هي بالإمرة السياسية، ومن يحرك وريسم إستراتيجبات المؤسسة العسكرية ليس هيئات الأركان وإنما القرار السياسي، والقرار السياسي يتأثر بالتوزانان الدولية وبمنظومة التحالفات الدولية، لذلك الرسائل كان لها إيحاء إلى مسالة تتبنى مطالبات هي ذات أبعاد سياسية ولكنها صدرت من قيادات عسكرية لاتمنلك هكذا صلاحيات في معالجة هكذا مسائل حساسة”.
وأضاف الشريفي:
“لذلك نحنا في تقيممنا للوضع في العراق وتقديرنا للموقف الذي يجري نرى أن الولايات المتحدة تمددت كثيراً وتجاوزت على السيادة العراقية بسبب وهن وضعف القرار السياسي في العراق، وبسبب غياب وحدة الموقف، وهذا التمدد الأمريكي تجاوز الجغرافية العراقية إلى سورية بسبب حالة الوهن الذي يعتري القرار السياسي وإدارة الأزمة السياسية في العراق، فما هو الضامن في أن تشكل محددات للتوجهات العسكرية المؤسسة السياسية عبر الفوقية التي تمتلكهعا ضمن إطار الصلاحيات الدستورية، وعلى إعتبار أن المؤسسة العسكرية هي بالإمرة، فضلا عن أن النهج في العراق من يرسم الإستراتيجيات ومن يدير المؤسسة هو وزير الدفاع ونحن نرى حتى الآن لم يتم إختيار وزير الدفاع نظراً لمقايسس سياسية وضعها المنتظم السياسي للمؤسسة العسكرية، أي بمعنى أن المحدد للمؤسسة العسكرية في العراق كبير جداً ويلقي بظلاله على مسرح الأحداث في التكامل العسكري ميدانياً وعسكرياً مع سورية، لذلك عندما تطلق تصريحات أو يجري حديث يجب أن تقوم على أسس صلاحيات دستورية ممنوحة، وبالتالي تحقق هذه الأمنيات وتترجم إلى واقع حال تطبيقي.”
من جانبه علق مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية الدكتور محمد صالح صديقيان قائلاً:
هناك حقيقة مهمة لابد من الإشارة إليها وهي تكمن في أن هناك تعاون سوري إيراني على الأرض سورية وحتى في إطار أستانا، وبالتالي مشاركة العرق في هذا الإجتماع أنا أعتقد أنه سوف يخرج من حدود ما توصل إليه أستانا بخصوص سورية، ولكن العراقي غير مشترك في أستانا ولكنه مشارك في التعاون الروسي السوري الإيراني فيما يخص مكافحة الإرهاب، وبالتالي عندما شكلت غرفة مشتركة للعمليات بين الدول الأربعة روسيا وايران وسورية والعراق، هي كانت تستند في قسم كبير من هذه الثوابت على إجتماع أستانا وما تمخض عنه من تفاهمات بين تركيا وإيران وروسيا”.
وأشار صديقيان إلى أن:
“هناك نوع من تشابك المصالح موجود في هذه المنطقة وخصوصا أن هذه الدول الثلاث التي إجتمعت في سورية تشترك في مشستركات غاية في الأهمية وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب وتنظيم “داعش” (المحظور في روسيا)، تحديداً، وبالتالي أعتقد أن هذا الإجتماع يريد أن يضع اللمسات الأخيرة على إنتهاء هذا التنظيم سواء إن كان في سورية أو في العراق، وعلينا أن نأخذ بنظر الإعتبار الأحداث في إدلب وشرق الفرات، وبالتالي لايمكن لنا أن نمر مرور الكرام على مستقبل إدلب، وأنا أعتقد أن الإيرايين الأن ربما يفكرون بشكل جيد، أو المشاركة في مستقبل إدلب، بمعنى أن إدلب يجب أن تكون مهمة ،أذكر مرة أخرى أن إيران وسورية وروسيا يعتمدون على ثواتبت وهي وحدة الأراضي السورية ومواجهة الإرهاب والإستقلال السوري وهذا مهم جداً،وبالتالي لايمكن لنا أن نتصور أن إدلب يمكن أن تكون بمعزل عن الجيش العربي السوري أو بعيداً عن الحكومة السورية، وبالتالي الإيرانيين يصرون على مبدأ إستقلال الإرادة السورية وإستقلال القرار السوري “.
الخبير في إدارة الأزمات والحروب الإستباقية والأستاذ المحاضر في علم الإجتماع السياسي الدكتور أكرم الشلّي يرى أن:
“الخطط العسكرية لايكشف عنها إطلاقاً وتبقى سرية عندما يتم التخطيط للقيام بأي عمل عسكري معين على أي جبهة كانت ويكون هذا الأمر مفاجئاً دون الإعلان عنه، لكن وفق إتفاق وبعلم جميع الأطراف وعلمها، والواقع العملي يقتضي أن تكون الجبهة الشرقية مايسمى شرق الفرات هي من ضمن الأولويات بمكان أن تقوم الأطراف المتحالفة بتحرير هذه المنطقة وطرد جميع الأرهابيين ورعاتهم منها.
ولفت الشلّي النظر إلى أن:
“هناك تريث وهذا الموضوع متروك لموقف وتقدير روسيا وعلاقاتها مع تركيا، روسيا ذات النفس الطويل ، ولذلك رغم كل إستياء روسيا لعدم تنفيذ الجانب التركي لكل الإتفاقات التي نعرفها جميعاً ولاداعي لذكرها،ولم تفي تركيا بوعدها لإنهاء التواجد الإرهابي في إدلب وفي الشمال السوري، اما فيما يخص تطوير هذا اللقاء وتطوير الخطط المستقبلية لجهة الجولان السوري المحتل، أنا أعتقد أنه مازال في طور التخطيط له والدراسة المستفيضة لأن هذه المسألة مختلفة وهي قضية دولية أكثر ما هي قضية داخلية”.
وأضاف الشلّي:
“بالقراءة المنطقية والواقعية، هذا الإجتماع هو رسالة لمن يريد أن يفهم و وبالجانب الآخر إذا لم يريدوا فهم ذلك فبكل تأكيد سيكون هناك عملاً عسكرياً شرق الفرات لطرد المجموعات الإرهابية ورعاتها من تلك المنطقة، وهذه اللقاءات لمن لايريد أن يفهم هي ليست رسائل فقط، بل هي عمل عسكري مدروس، وهناك تصميم للقيام بذلك من قبل القيادات الثلاث السياسية والعسكرية في سورية والعراق وإيران بما فيها رضا وموافقة الجانب الروسي”.