زهير أندراوس
في دراسةٍ جديدةٍ أصدرها مركز “بيغن-السادات” للأبحاث الإستراتيجيّة في تل أبيب، جاء أنّه قبل أربعة عقود، أطاحت الحركة الثوريّة بقيادة آية الله الخميني بالشاه وأسست جمهورية إيران الإسلاميّة على أنقاضها، وفي الفترة الفاصلة، حدثت تغييرات كبيرة في الخطاب والمفاهيم الأساسية للقيادة في طهران، ومع ذلك، فإنّ إحدى القضايا القليلة التي لم تختلِف حولها المؤسسة السياسيّة الإيرانيّة هي العداء الثابت لإسرائيل، مُضيفةً أنّ هذه الحقيقة فرضت على إسرائيل سلوكًا مختلفًا تجّاه دولةٍ كانت في يومٍ من الأيام صديقةً وأصبحت في وقت ما عدوًا يُهدِّد بتدميرها.
وتابعت قائلةً: يُثير هذا الواقع مسألة مصدر العداء الذي أظهره النظام الإسلاميّ تجاه إسرائيل، لافتةً في الوقت عيينه إلى أنّ البلدين لا يشتركان في حدودٍ مُشتركةٍ ولا يوجد بينهما صراع فيما يتعلّق بوجود أقليّةٍ عرقيّةٍ أوْ دينيّةٍ، بما في ذلك الجالية اليهوديّة التي بقيت في إيران، على حدّ تعبيرها.
وشدّدّت الدراسة على أنّه بعد الثورة، مع توطيد المؤسسة الجديدة، أصبحت المعارضة لإسرائيل مثاليةً يجب إتباعها ، لأسبابٍ إستراتيجيّةٍ وأيديولوجيّةٍ، مُوضحةً أنّه ليس من قبيل المصادفة أنّ أوّل ضيفٍ تمّت دعوته لزيارة إيران بعد الثورة لم يكن قائدًا لدولةٍ ذات سيادةٍ، بل القائد الفلسطينيّ لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، الراحِل ياسر عرفات، وفي الوقت نفسه، تمّ تسليم مفاتيح السفارة الإسرائيليّة في طهران إليه، تقديرًا للعلاقات الدافئة التي تمّ تأسيسها بين حركات المقاومة خلال السبعينيات، كما أكّدت.
عُلاوةً على ذلك، رأت الدراسة أنّه بعد وفاة الخميني في شهر حزيران (يونيو) من العام 1989، استمرّ صُنّاع القرار في المؤسسة الإيرانيّة في التمسّك بإخلاص لإرث ولائهم لمسار وحركة الحركة الثورية التي أسسها، وبالتالي أصبحت إسرائيل أداةً للنظام لتحقيق إنجازات خارج البيت، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه من وجهة النظر هذه، فإنّ كراهية إسرائيل هي حجر الزاوية في سلوك النظام وتصوّر هويته الخاصّة، على حدّ قولها.
وبناءً على ما تقدّم، لم يكُن مفاجئًا تهديد رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، إيران، قبل عدّة أيّامٍ، بأنْ تكون هذه آخر ذكرى تحتفل بها لما يعرف بـ”الثورة الإسلامية” في حال قررت طهران مهاجمة تل أبيب أوْ حيفا. وقال نتنياهو، الاثنين، في بيان نشره مكتبه: إذا ارتكب هذا النظام الخطأ المروع وحاول تدمير تل أبيب أو حيفا، لن ينجح، على حدّ تعبيره. وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيليّ قائلا في نفس البيان: بل على العكس، فهذه ستكون آخر ذكرى يحتفلون بها للثورة، عليهم أنْ يأخذوا ذلك في الحسبان، أكّد البيان الصادِر عن ديوانه.
ومن الجدير بالذكر أنّ إيران هدّدّت إيران على لسان نائب قائد الحرس الثوري الإيراني إسرائيل بأنْ تمحى تمامًا في حال قررت أنْ تشن حربًا على طهران، كما انضمّ وزير الدفاع الإيرانيّ إلى التهديد، وأكّد في تصريحاتٍ صحافيّةٍ حيث قال إنّه سيكون لطهران رد مباشر إذا شنّت البحريّة الإسرائيليّة هجماتٍ على شحنات النفط الخاصة بها.
وقال وزير الدفاع الإيرانيّ أمير حاتمي أوّل من أمس الأربعاء، إنّ بلاده ستردّ بحزمٍ إذا تحركّت البحريّة الإسرائيليّة ضدّ مبيعاتها من النفط، بعد أسبوعٍ من قول نتنياهو إنّ البحرية قد تتحرّك ضد “تهريب” النفط الإيرانيّ رغم العقوبات الأمريكيّة. ونقلت وكالة أنباء الجمهوريّة الإسلاميّة الرسميّة عن حاتمي قوله إنّ مثل هذا التحرك سيُعتبر ضربًا من القرصنة، وحذّر من أنّه إذا حدث فسنرُدّ بحزمٍ، على حدّ قوله.
على صلةٍ بما سلف، ذكرت صحيفة “يديعوت احرونوت” العبريّة أنّ نائب رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، الجنرال يئير غولان، قال في نهاية الأسبوع الماضي، إنّ دولة الاحتلال الإسرائيليّ لن تتمكّن من محاربة إيران بدون مُساعدةٍ أمريكيّةٍ، وجاء تصريحه خلال مؤتمرٍ أمنيٍّ عُقِد في واشنطن.
ونشر موقع “ديفنس نيوز” العبريّ أنّ غولان تطرّق إلى المواجهة العسكريّة المُحتملة بين إسرائيل وإيران، وقال إنّ إسرائيل لن تتمكّن من إدارة حربٍ لوحدها ضد إيران، وأنّها لكي تنتصر فيها ستحتاج إلى مُساعدةٍ أمريكيّةٍ، يجب الاعتراف بذلك، وهذه حقيقة، كما أكّد.
وبيّن جولان موقفه، وقال: من وجهة نظر إسرائيل، فإنّ التهديد الإيرانيّ أكبر بكثير من تهديد داعش، وذلك لأنّ الإيرانيين أكثر تطورًا وعلى مستوى أعلى من الحضارة. طهران تملك بنية تحتية أكاديمية، صناعة جيدة، علماء جيدون وشبان يتمتعون بمواهب كثيرة. إنهم يشبهوننا جدًا، ولذلك فإنّهم أشد خطورةً، وبالتالي، حسب رأيي، لن نتمكّن من مواجهتهم لوحدنا.
يذكر أن غولان، الذي يتواجد حاليًا بواشنطن، يُخصص وقته لصياغة خطّةٍ تحدد سياسة الأمن القوميّ الإسرائيليّ، حيثُ تطرّق جولان إلى الخطّة وقال: لا يُمكِننا أنْ نسمح لأنفسنا بعدم الاستعداد لمواجهةٍ مُباشرةٍ مع إيران، ليس لدينا قوات بحجم قوات المارينز، إنّها أكبر من قوّتنا، فماذا نستطيع أنْ نفعل؟ هذا هو السؤال الكبير وهذا هو الجانب السريّ في الخطّة.