الرئيسية / أخبار / هل سيَتَدخَّل بوتين في الانتِخابات الإسرائيليّة المُقبِلَة لإسقاط نِتنياهو

هل سيَتَدخَّل بوتين في الانتِخابات الإسرائيليّة المُقبِلَة لإسقاط نِتنياهو

لا نُجادِل مُطلَقًا بوجود أزمة في العُلاقات الروسيّة الإسرائيليّة في الوَقتِ الراهن على أرضيّة الاستِفزازات التي أقْدَمت عليها حُكومة الليكود بزَعامَة بنيامين نِتنياهو لـ”الصَّديق” الروسيّ القَديم عِندما أرسلت طائراتها الحربيّة لقَصفِ أهدافٍ سوريّةٍ قُربَ قاعدة حميميم الجويّة، والتَّسَبُّب عَمْدًا في إسقاط طائرة تَجَسُّس روسيّة ومَقتَل أكثَر مِن 11 خَبيرًا كانوا على ظَهرِها، ولكنّنا لم نَعتقِد أن يتَطوَّر الخِلاف بين الطَّرفين إلى درجة التَّطاول الإسرائيليّ على روسيا مِن خلال اتِّهامِها عَلنًا بالتَّدخُّل في الانتِخابات الإسرائيليّة التَّشريعيّة المُقبِلة في نيسان (إبريل) المُقبِل، اللهم إلا إذا كانَت هُناك نَوايا روسيّة حقيقيّة لإسقاط بنيامين نِتنياهو وحُكومته كأحَد الردود الانتِقاميّة على الاستِفزازات المَذكورة، وروسيا تَمْلِك أوراقًا عَديدةً و”مَشروعةً” في هذا الصَّدد.

القِصّة بدأت عندما تعمَّد ناداف أرجامان، رئيس جهاز الأمن الداخليّ (شين بيت) على اتِّهام قِوى أجنبيّة بالتَّخطيط لاختِراق عمليّة التَّصويت في الانتِخابات التشريعيّة المُقبِلة، في إشارةٍ مُباشرةٍ إلى روسيا، الأمْر الذي دفَع جهاز الرَّقابة الإسرائيليّة إلى حَذْف الاسم، ولكن أجهزة إعلام إسرائيليّة أكَّدت أنّها هِي المَقصودة.

ما يُؤكِّد هذا الاتِّهام لروسيا أنّ إسرائيل كاتس، وزير المُخابرات الإسرائيليّ، قال في تَصريحٍ علنيٍّ أنّ روسيا قد تُحاوِل أن تُكَرِّر في إسرائيل حملَةً يُقال أنّها نظَّمتها للتَّأثير في انتِخابات الرئاسة الأمريكيّة الأخيرة مِن خِلال التَّسَلُّل إلى حِساباتٍ إلكترونيّةٍ لمُساعَدة المُرشَّح دونالد ترامب للفَوزِ بِها.

ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، سارَع بالرَّد على هذه الاتِّهامات بالقَول أنّ روسيا لم ولن تتَدخَّل في أيّ انتخابات في أيّ دولة في العالم، وهذا النَّفي السَّريع يُؤكِّد تَعامُل القِيادة الروسيّة مع هذه الاتِّهامات بجديّة، ولكنّه في الوقت نفسه يُوحِي بأنّ روسيا الدولة العظمى مَن غير المُستبعَد أن تسعى مِن هذا التَّدخُّل إلى خِدمَةِ مَصالِحها أوّلًا، وأنّها تَمْلُك قُدرات إلكترونيّة مُتَقَدِّمة جِدًّا تُؤهّلها للقِيام بهذا التَّدخُّل إذا أرادَت.

مَن يَعرِفون الرئيس بوتين عَن قُرب يَقولون أنّه رجل يَملِكُ قدرةً عاليةً على كَظْمْ الغَيظ، ولكنّه لا يَنْسى الإهانات، ويَسْعى للانتِقام بطريقته، وفي الوَقتِ المُناسِب، إذا لم يتَراجَع الطَّرَف المُستَفِز عَن أخطائِه بِطُرقٍ عَمليّةٍ.

نِتنياهو أهان بوتين عندما تَحدَّاه بإرسال طائِراته لقصف مواقع قريبة جدًّا مِن قاعدة حميميم الجويّة قُرب اللاذقيّة، وهدَّد أكثَر مِن مرّة بالمُضِي قُدُمًا في شَن هذه الغارات رُغم غضب القِيادَة الروسيّة مِن جرّاء تَهديد مَصالِحها وأرواح جُنودِها في سورية للخَطَر.

صَحيح أنّ الرَّد الروسيّ على هذه الإهانة جاءَ سَريعًا مِن خلال رفض الرئيس بوتين لِقاء نِتنياهو في موسكو رغم استِجداءات الأخير، وتزويد الجيش العربي السوري ودِفاعاته الجويّة بصَواريخ “إس 300” المُتَقَدِّمة، ولكن الصَّحيح أيضًا أنّ احتِمالات العَمل على إطاحَة نِتنياهو وحُكومته مِن خِلال التَّدخُّل في الانتِخابات المُقبِلة أمْرٌ وارِد.

روسيا تملك أسلحة عديدة في إسرائيل لا تَقتصِر فقط على التَّدخُّل الإلكترونيّ إذا ما أرادَت التَّحَكُّم في نتائِج الانتخابات المُقبِلة للكنيست، ونحن نَتحدَّث هُنا عَن مِليون مُهاجر روسيّ يَحمِلون الجنسيّة الإسرائيليّة، أكثر مِن نصفهم من غير اليهود، أو أن هُناك شَكوى في صحّة يهوديتهم، حسب قواعِد حاخامات إسرائيل.

تأثير روسيا على هؤلاء، وكيفيّة تصويتهم، ولِمَن يُعطوا أصواتهم أمر شِبْه مُؤكَّد، وربّما هذا ما يُفَسِّر تسريبات رئيس جهاز الأمن الداخليّ الإسرائيليّ المُقرَّب مِن نِتنياهو وحُكومته، حَول احتِمالات هذا التَّدخُّل مُبْكِرًا.

السُّؤال: هل سيَسقُط بوتين نِتنياهو في الانتِخابات المُقبِلة مِثلَما أسقَط هيلاري كلينتون التي كانَ فوزها مُؤكَّدًا بنِسْبَة 90 بالمَئة في الانتِخابات الرئاسيّة الأمريكيّة الأخيرة؟

الإجابَة ستَكشِف عنها الأيّام والأشهُر المُقبِلة عندما يَتِم إعلان نتائج الانتِخابات أوّلًا، ونتائِج تحقيقات المحقق الأمريكيّ مولر في مَسألة التَّدخُّل في الانتِخابات الرئاسيّة.. وروسيا في نِهايَة المَطاف دَولةٌ عُظمَى تَستخدِم كُل إمكانيّاتها وقُدراتِها الإلكترونيّة لخِدمَة مَصالِحها، ومَن يَعتقِد بغَير ذلك يَحتَل مَرتبةً مُتَقدِّمةً في قَوائِم الأغبِياء والسُّذَّج.