الرئيسية / أخبار / لماذا أصبح الصراع الإيراني السعودي وشيكا أكثر من ذي قبل؟
جوجل

لماذا أصبح الصراع الإيراني السعودي وشيكا أكثر من ذي قبل؟

ناولت العديد من الكتابات الحرب الباردة بين السعودية وإيران، وعلى الرغم من أن هذا التنافس الاستراتيجي لم يتسبب في حالة الاضطرابات التي اكتسحت الشرق الأوسط، فإنها تسببت في توسيعها وتعميقها.

وسواء في العراق أو سوريا أو اليمن أو أفغانستان أو البحرين أو لبنان أو أي مكان آخر، فإن العداء بين الرياض وطهران أدى لتصاعد الانقسامات المجتمعية وأشعل التوترات الطائفية، ما ألحق الضرر بأي جهود لهزيمة تنظيم الدولة وإنهاء الحرب الأهلية في سوريا، وإحلال الاستقرار بالعراق، ووقف القتال في اليمن وحل الأزمة السياسية في لبنان.

وبينما كانت كلتا الدولتين تفضل الحرب بالوكالة؛ لأن ما سيخسرونه نتيجة القتال المباشر أكثر مما يكسبونه، إلا أن العلاقات وصلت إلى نقطة الغليان ما زاد من احتمالية تحول الحرب الباردة، للمرة الأولى في تاريخ علاقة العداء القائمة بينهما، إلى حرب ساخنة. لكن هذا ليس له علاقة بالنقد اللاذع الذي وجهته كل منهما للأخرى، وإنما يتعلق بالاتجاهات الموضوعية التي تتجاوز الرشقات العاطفية المفاجئة.

وتساعد الاتجاهات الاستراتيجية الخمسة على تفسير سبب كون المواجهة الإيرانية السعودية المباشرة وشيكة أكثر مما كانت عليه في السابق.

  1. المناطق الساخنة

هناك فرص أكثر أو مناطق ساخنة يمكن أن يكون هناك اصطدام بشأنها. فحتى الثورات العربية في 2011، كانت إيران والسعودية تتنافسان على النفوذ في العراق ولبنان والبحرين، وإلى حد ما، في الأراضي الفلسطينية من خلال دعم حلفائهما هناك.

والآن، أصبح السعوديون والإيرانيون عالقون في صراع حركي أكثر خطورة في سوريا واليمن. ففي سوريا، تستهدف السعودية الإطاحة ببشار الأسد، الحليف المقرب من إيران، وهددت عدة مرات بتصعيد مشاركتها العسكرية هناك، غالبا من خلال إرسال قواتها. وفي حال حدوث هذا، فمن المحتوم أن تواجه الرياض طهران في أرض المعركة، حيث تقاتل القوات الإيرانية وحزب الله اللبناني جميع أعداء الأسد.

أما الصراع في اليمن فهو على بعد سقوط صاروخ حوثي على مدينة سعودية من التصعيد والامتداد إلى مياه الخليج العربي، حيث قد تقع المواجهة المباشرة بين البحريتين السعودية والإيرانية. وحذرت طهران الرياض، الأسبوع الماضي، من الاقتراب من المياه الإقليمية الإيرانية، وأجرى السعوديون أول تدريبات لهم بالذخيرة الحية في الخليج العربي، والتي ستكون جزءا من سلسلة تدريبات، ويراقب الأسطول الخامس الأمريكي ما يحدث عن كثب وبقلق.

  1. قيادة سياسية جديدة

ثانيا، هناك قيادة سياسية شابة في الرياض تصر على تبني سياسة خارجية أكثر حزما وانتهاج أسلوب أكثر جرأة تجاه ما يسمونه التهديد الوجودي الإيراني.

لقد ولّت أيام أسلوب تجنب المخاطر الذي كان يتبعه آل سعود، بعد أن سئموا مما يرونه سلبية أمريكا تجاه التجاوزات التي ترتكبها إيران في المنطقة، وأصبح لديهم استعداد لتولي الأمور بأنفسهم.

  1. السياسة الأمريكية “المترددة”

ثالثا، لا يهم عدد المرات التي تنفي فيها إدارة أوباما اتهامات التخلي عن الشرق الأوسط، فالحلفاء الإقليميون للولايات المتحدة يرون أنها تخلت عن المنطقة، أو الأسوأ، سلمت مفاتيح المنطقة لألد أعدائهم، إيران.

والنتيجة هي شعور قوي لدى العواصم الخليجية بعدم الثقة في السياسة الأمريكية.

  1. روسيا

رابعا، تمثل روسيا الآن فاعلا أمنيا كبيرا في الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي تشعر فيه إيران بعدم الرضا عن تعدي روسيا على مناطق نفوذها، فإن الحقيقة هي أن الإيرانيين يستفيدون بشكل هائل من شريك أمني جديد وذي إمكانات عالية؛ لتحقيق أهدافهم الاستراتيجية، التي تبدو منسجمة مع الأهداف الروسية.

وبينما ينضج المحور الإيراني الروسي، فإن احتمالية المشاركة في أعمال أكثر عنفا واستفزازا قد تؤدي إلى حرب مع السعودية.

  1. القدرات الهجومية الإيرانية

وأخيرا، لقد تطورت قدرات الصواريخ الإيرانية بشكل كبير، ما يمنحها وسيلة جديدة قوية للمشاركة في عمل هجومي بطرق لم تكن تستطيعها من قبل.

إن تركيز إيران جهودها خلال السنوات القليلة الماضية لمنح الأولوية لتحسين دقة الصواريخ على زيادة مداها يوحي بتغير في عقيدتها من الردع إلى الهجوم. وهذا لا يعني أن القدرات العسكرية الإيرانية المطورة ستشجعها على التصرف بشكل غير عقلاني أو أنها ستتجاهل فجأة الوجود العسكري الأمريكي الضخم في المنطقة. لكن الصواريخ الإيرانية تمنح طهران عدة خيارات عسكرية ومرونة تنفيذية أكبر قد تتحدى الخطط الأمريكية في الخليج العربي.

إن العداوة الإيرانية السعودية التي ترجع إلى عقود مضت تسبق إدارة أوباما، ولكنه خلال رئاسته، وباستثناء اتفاق الحد من التسلح الذي تم التوصل إليه مع طهران، والذي يحد من برنامجها النووي خلال العقد القادم، لم يفعل الكثير لوقف هذه التوجهات الاستراتيجية.

وهذا سبب مهم يجعل الصدام الإيراني السعودي في الشرق الأوسط أقرب إلى الحدوث من ذي قبل، إن تجنب اندلاع هذه الحرب سيكون على رأس أولويات الرئيس الأمريكي القادم في الشرق الأوسط.