لمدة ثلاث سنوات، جلب تنظيم الدولة الموت والدمار إلى الشرق الأوسط، فقد ارتكب التنظيم إبادة جماعية ضد المسيحيين واليزيديين ونشروا الرعب في العالم.
كيف بدأ التنظيم الإرهابي المسلح، وكيف نوقفه؟
لقد كانت أجراس الكنائس تدق؛ احتفالاً بعودة المسيحيين العراقيين إلى برطلة وقراقوش، فقد عاش كثيرون منهم كلاجئين لمدة عامين ونصف في كردستان منذ استولى تنظيم الدولة على قراهم عندما سيطر على الموصل، ومن المتوقع أن تستمر حملة تحرير الموصل من أيدي تنظيم الدولة لأشهر، لكن الأمر قد استغرق سنوات من التنظيم ليصل إلى هذه النقطة.
كيف بدأ تنظيم الدولة؟
قبل أن يصبح تنظيم الدولة بالقوة التي هو عليها الآن، كان عبارة من شبكة من المتطرفين المعروفين باسم التوحيد والجهاد يقودها أبو مصعب الزرقاوي، وكان الزرقاوي بدوي ذو أصول فلسطينية، ولد في الأردن، وكان مجرم أمي تافه.
وفي عام ١٩٩٢، أرسلته الحكومة الأردنية إلى السجن بعد العثور على أسلحة ومتفجرات بمنزله، وفي السجن، أصبح متطرفًا وحاول تجنيد عدد من السجناء في خطة للإطاحة بملك الأردن.
وقال عنه المدير السابق للاستخبارات المركزية الأمريكية، جيمس وولسي: “لم يكن شخصًا مهمًا، وكان هذا قبل ثلاث سنوات، قبل أن تسير الأمور بشكل جيد بالنسبة للقاعدة”.
وبعد خروجه من السجن، أنشأ الزرقاوي معسكر لتدريب الإرهابيين في هيرات بأفغانستان، وبحلول منتصف عام ٢٠٠٢، اشتبهت المخابرات الأمريكية في إنشائه معسكرًا مماثلاً ومعملاً للغازات السامة في شمال العراق، في بلدة تسمى خورمال.
وفي مارس عام ٢٠٠٣، نجا الزرقاوي من غارة جوية استهدفت المعسكر؛ فاتجه جنوبًا، وبعدما قامت الولايات المتحدة بحل جيش صدام حسين، قام الزرقاوي بتجنيد بعض ضباط وعملاء الجيش العراقي، ومن ثمَّ بدأ التنظيم الخاص به ببدء مقاومة ضد قوات الجيش الأمريكي والشيعة وآخرين، وقد أصبح الزرقاوي رمزًا للمقاومة السنية، وتبعه في ذلك متطرفون آخرون، حيث قاموا بتنفيذ مزيد من الهجمات.
وفي يناير عام ٢٠٠٤، قيل إن الولايات المتحدة قد اعترضت رسالة من الزرقاوي إلى قيادة القاعدة، يقول فيها إن أفضل طريقة لهزيمة الولايات المتحدة في العراق هي إثارة الحرب الطائفية بين المسلمين، والتي من شأنها “إحياء السنة النائمين”.
وقد شكك البعض – داخل وخارج الحكومة – في صحة هذه الرسالة، وبغض النظر، ففي أواخر أكتوبر عام ٢٠٠٤، قيل إن الزرقاوي قد طلب التحالف مع أسامة بن لادن، وبعدها، أصبح الزرقاوي زعيمًا للقاعدة في العراق.
وفي مارس عام ٢٠٠٤، تم قطع رأس أحد المقاولين الأمريكيين، ويدعى نيك برج، في مقطع مصور، وقالت الاستخبارات الأمريكية إن مَن أعدم برج ليس سوى أبو مصعب الزرقاوي.
ميلاد تنظيم الدولة
وفي يونيو ٢٠٠٦، تم تتبع الزرقاوي وقتله بغارة أمريكية، وبعد قتله تحولت قاعدة العراق إلى تنظيم الدولة، وأصبح رجل الدين أبو بكر البغدادي زعيمًا له.
وبعدما أعلن باراك أوباما عن انسحاب جميع القوات الأمريكية من العراق بحلول نهاية عام ٢٠١١، بدأ البغدادي وتنظيم الدولة العمل، فبدأوا موجة من التفجيرات الدموية وهجمات السيارات المفخخة في الموصل وبغداد.
وقال وولسي: “أعتقد أن أحد أسوأ الأشياء التي حدثت كان بعد غزونا للعراق وتعاملنا مع التصعيد وكنا في حالة جيدة جدًا، ثم قام أوباما بالانسحاب سريعًا وترك الأمور في حالة فوضى”.
وفي أبريل عام ٢٠١٣، أعلن البغدادي أن تنظيمه سوف يتوسع إلى سوريا، وبذلك أصبح تنظيم الدولة في العراق والشام.
وبحلول ديسمبر عام ٢٠١٤، قام التنظيم بنشر حوالي ٣٠ ألف جهادي، واحتل حوالي ثلث أراضي العراق وخمس الأراضي السورية.
لم يعد فريقًا للناشئين
في يناير ٢٠١٤، شبه أوباما تنظيم الدولة بفريق مدرسي لكرة القدم، وقد تعجب ووسلي من تغيير الحقائق الاستخباراتية الأمريكية الخاصة بتنظيم الدولة لتناسب الرواية السياسية، قائلًا: “وتبدأ الإدارة برواية، أو قصة، كما يسمونها، ثم يحاولون تطويع الحقائق لكي تناسب السياق بدلاً من أن يغيروا الرواية وفقًا للحقائق، ونتيجة لهذا أعتقد أنه من الإنصاف أن أقول إن أهمية تنظيم الدولة قد تزايدت”.
إذًا، كيف يمكن للولايات المتحدة هزيمة تنظيم الدولة؟ يقول المحلل السابق بالاستخبارات الأمريكية، فريد فليتز، إن الحملة الجوية الأمريكية والروسية وحدها لن تكفي.
وقال: “نحن نعلم من التاريخ أننا لا يمكننا الانتصار في الحرب من الجو، ولكن حتى إذا قمنا بمحو تنظيم الدولة من على وجه الأرض، فسيكون علينا محاربة الفكر”، كما أنه يجب قطع التمويل عن تنظيم الدولة.
اتبع المال
وقد صرح فليتز لموقع سي بي إن قائلاً: “إنه تنظيم الإرهابي ذاك الذي يسيطر على الأرض، وهو قادر على الحصول على المال من النفط، كما أنه يستطيع جني المال من خلال التجارة غير الشرعية، وقد يكون له داعمين بدول الخليج، الدول التي تدعم هؤلاء الجهاديين المتطرفين، وهم نفس الأشخاص الذين كانوا يدعمون القاعدة على مدار سنوات”.
ويتفق مفتي سوريا السني، الشيخ أحمد حسون مع هذا الكلام، وعندما قابله غاري لين، من موقع سي بي إن في دمشق هذا العام، سأل الشيخ حسون عما تتطلبه هزيمة تنظيم الدولة وإنهاء الحرب الأهلية في سوريا.
أجاب حسون، “يجب أن تتجمع جميع الأديان لنعرف من أين يأتي هذا التمويل لهؤلاء المتطرفين ونوقفه، وهناك العديد من الزعماء المسلمين الذين ترتبط ثروتهم بالقتال ويمولونهم”.
وتظهر رسائل البريد الإلكتروني – التي قام موقع ويكيليكس بتسريبها – معرفة وزيرة الخارجية السابقة بمصدر تمويل تنظيم الدولة.
وفي أحد اتصالاتها مع مدير حملتها، جون بوديستا، والذي يرجع تاريخه إلى ١٧ أغسطس ٢٠١٤، قالت كلينتون: “نحتاج إلى استخدام أصولنا الدبلوماسية والاستخباراتية التقليدية للضغط على حكومات قطر والسعودية، اللتان توفران دعمًا ماليًا ولوجستيًا سريًا لتنظيم الدولة والتنظيمات السنية المتطرفة الأخرى في المنطقة”.
وحذر ووسلي قائلاً: “لا يمكننا تجاهله، فسوف يصبح أسوأ من هذا”.