الرئيسية / أخبار / الخطة ب الروسية في مواجهة الخطة ب الأمريكية
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في ميونيخ، ألمانيا، 11 فبراير 2016، وذلك قبل اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا (ISSG) | Reuters/Michael Dalder

الخطة ب الروسية في مواجهة الخطة ب الأمريكية

ماذا بقي من ترسانة الخطط الاميركية

منذ فترة والأميريكون كلما مروا بزنقة في سورية تصنعوا الانفعال وأبلغونا ان صبرهم نفذ ثم مدوا ايديهم الى جيوبهم لاخراج الخطة ب ووضعها على الطاولة .. تماما كما يفعل راعي البقر عندما يهدد خصمه حيث يضع يده على خصره ويمسك بالمسدس ويتحسس جاهزية الديك ليكون بينه وبين تنفيذ التهديد مجرد ثوان .. وصرنا في الحقيقة تواقين لأن يخرج الكاوبوي الخطة ب لكثرة مالوح بها .. رغم أن مانعرفه هو أنه قفز قفزات بهلوانية كثيرة وأطلق خططا استنفذت جميع الحروف على خطواته المتدحرجة في سورية خلال السنوات الخمس الماضية .. من الألف الى الياء .. ولم تبق عنده الا خطة واحدة يتيمة هي خطة الحرب النووية مع روسيا مباشرة .. فهو أخرج العملاء العرب ورماهم في وجوهنا كالأفاعي .. وهو أخرج جميع الملوك والامراء العرب من حجورهم التي اختبؤوا فيها عقودا وتستروا بالتقية باسم التضامن العربي ونشرهم على كل جبهات السياسة والاعلام والمؤتمرات الدولية .. وهو سكب النفط في البحر لتفلس روسيا وأغرق العالم به حتى صار النفط أرخص من الماء ثم حاصر الاقتصاد السوري والروسي .. وهو أخرج من مستودعاته السرية الاسلاميين العرب وغير العرب وأحرق حماس والقاعدة واستهلك كل طاقات تركيا الاسلامية في معركة أحرقت قلوب الاسلاميين وعيونهم وجلودهم ودينهم .. وزج بكل طاقة مجلس الامن ولجانه حتى أنه حوّل (بان كيمون) الى لعبة (بوكيمون) في يده .. وهو استعمل كل أساطيله الاعلامية العربية وغير العربية وشبكة الانترنت وأساطين الاعلام الغربي واشترى بالمال اللسعودي مئات الكتاب والذمم وكشف كل عملائه وأعوانه ثم جاء بأساطيله البحرية ولقم السلاح ووضع يده على أزرار التوماهوك والكروز التي تأتي دوما في الخطة الأخيرة وليس في الخطة ب .. وبالرغم من ذلك فانه لم يقدر على زحزحة دمشق قيد شعرة ولازحزحة جيشها ورئيسها .. وبعد هذا يقول انه لايزال لديه الخطة ب رغم انه لم يترك وسيلة ولاخطة محكمة متماسكة الا وفعلها !! .. ولكن صار القاصي والداني يعلم أن الخطة ب هي اعتماد ليست الا خيار ترك الوضع السوري معلقا ماأمكن لاستنزاف وانهاك الشعب والجيش السوري ..

الكل يتحدث عن الخطة ب الاميريكية وبعضهم يشير الى صواريخ مضادة للطائرات سيشاهد المسلحون وهم يتجولون بها .. بل ان وزير الخارجية السعودي الجبار كاد يطلق الخطة ب الاميركية أكثر من مرة وكأنه أحد مصمميها .. ولولا أن أهل الخير والمشورة والناصحين أمسكوا يده التي مدها الى عقاله ليرميه على الارض ويعلن انه لن يعيده الا بعد انتهاء الخطة ب .. لكنا اليوم في خبر كان .. ولكن الله ستر .. وكما روى لي أحد الثقاة أن الرئيس الأسد عندما رأى عادل الجبير يتحدث عن الخطة ب وعن الأسد الذي سيرحل طوعا أو كرها بالعمل العسكري كان الأسد لايقدر على رشف الشاي وهو يضحك ضحكة طويلة ويضع الفنجان مضطرا على المكتب كيلا ينسكب وهو يغالب ضحكته وهو يقول: ياساتر يارب .. الجبير سيهجم .. انزلوا الى الملاجئ !!..

وصار مصطلح الخطة ب جذابا لكل من يريد أن يغمز ويشير الى خياراته الخطيرة السرية التي لم يستخدمها فيهدد بالخيار ب .. من ضاحي خلفان وحتى جارنا الحج أبو صلاح الذي صار يهدد كلما أزعجه أو عانده أحد أنه سيلجأ للخطة ب دون تردد .. ولا أحد منا يعلم ماهي الخطة ب عند الحج ابو صلاح .. ولاندري ان كانت هي نفسها التي سرقها منه كيري أو عادل الجبير !! ..

وللمسلمين في الخطة ب شؤون .. فالخطة ب عند القرضاوي تعني زواجا جديدا من عذراء بكر .. وهو في الحقيقة وصل الى الخطة (ف) الوحيدة التي لم يبق عنده غيرها وهي خطة (فياغرا) رغم أننا ننتظر للقرضاوي الخطة (ع) والخطة (م) .. أي عزرائيل والموت .. أما أبو محمد الجولاني (الشرع) فالخطة ب عنده هي تغيير اسم فتح الاسلام الى اسم جديد أكثر عصرية وارتياحا مثل (فتح الأوبرا الاسلامية) أو الكازينو الاسلامي ليثبت اعتدال جبهة النصرة .. ورفع صور لوتشيانو بافاروتي كونه صاحب لحية مؤمنة رغم أن داخل الأوبرا الاسلامية أو الكازينو الاسلامي للجولاني سيبقى مسلخا بشريا من مسالخ جبهة النصرة المنتشرة في سورية .. في حين أن جيش الاسلام سيخرج الخطة ب من دوما وهي تعني أن يتم عرض الاسرى في أقفاص جوالة أكثر أناقة وفي سيارات فاخرة في السوق مزينة بصور هيلاري كلينتون .. فيما سيخرج السافل اسماعيل هنية الخطة ب وهي ان يقبل مؤخرة القرضاوي بدل يديه .. أما أردوغان فان الخطة ب لديه هي أن يقوم بانقلاب آخر يتهم فيه الروس بتدبيره .. ليجتث من بقي من المعارضين الاتراك ..

الغريب ان الجميع يتحدث عن الخطة ب الاميريكية ولكن لاأحد يتحدث عن الخطة ب الحقيقية التي على وشك النزول على الارض وهي الخطة ب الروسية ..

فما قد يفاجئ البعض هو أن الروس في الحقيقة هم الذين كانوا منذ سنوات في الخطة (أ) حتى نهاية عاصفة السوخوي التي كانت تقوم على مبدأ حل الصراع مع الغرب بصيغة لاغالب ولامغلوب دون المساس بالدولة السورية وبقرارها السيادي .. ولكن تبين أن الغرب لايريد هذه الصيغة كما أظهرت المماطلة بانتظار تثبيت الاوضاع حتى تبين نتيجة الانتخابات الاميريكية التي ستنقل الملف السوري الى ادارة جديدة تكمل مابدأته الادارة الحالية .. ولكن في الثلاثين من أيلول انتهت صلاحية الخطة (أ) الروسية التي واجهت بمرونة كل الخطط الاميركية من الألف الى الياء منذ مجلس الأمن الى ظهور دعم لامحدود لجبهة النصرة وداعش ظهر جليا في معركتي تدمر وادلب حبث كان الدور الاميركي يسابق الزمن لتقطيع أوصال الجغرافيا لمحاصرة الدولة الباقية في دمشق .. ونفذ الروس الخطة (أ) حتى انتهاء صلاحيتها . وهم اليوم سينتقلون الى الخطة ب الروسية ..

في الخطط الأميريكية التي لم يعلن عن حروفها الكثيرة أعطى الاميريكيون دون تحفظ معلومات استخبارية وأجهزة تشويش صواريخ تاو لكسر سلاح المدرعات السوري لأن القتال على الأرض هو مايحقق النصر أما سلاح الجو فانه يعجل النصر ويقلل كلفته .. واستعمل من هذه الصواريخ في سورية ماكان يكفي لتدمير مدرعات الجيش الاسرائيلي .. ولكن النتيجة أن الجيش السوري وحلفاءه جعلوا التاو بلا قيمة في معركة حلب الأخيرة .. فقد فرض الحصار الذي استمات الأميريكيون والغربيون والاتراك لمنعه وتم كسر عظم وجمجمة جيش الفتح وتحررت بني زيد ودحر جيش الفتح عن الكليات العسكرية فيما دخلت أحياء حلب الشرقية بلعوم الجيش السوري ..

اليوم يهدد الاميريكيون باخراج الخطة ب ويتصرفون كأن لاقوة في الأرض ستردهم ويجلجلون وبفرقعون بصواريخ استينغر .. ولكن هم يعرفون أن صواريخ استنغر لن تغير المعادلة على الاطلاق .. لأنها قد تغير قواعد الاشتباك وتكتيك القوات الجوية ولكنها لن تغير مجرى المعركة لأن القوات التي على الأرض ليست كما كانت القوات السوفييتية في أفغانستان التي قاتلت على أرض ليست لها .. وهذا هو السر في معادلة أفغانستان التي لم ينتصر فيها السوفييت بسبب انهم قاتلوا على أرض ليست لهم وجنودهم قاتلوا من أجل القيادة الشيوعية .. فكيف سيقاتل الجندي في أرض ليست له .. كأن يقاتل الجندي السوري في الكونغو مثلا .. وكأن يقاتل الجندي المصري في الأرجنتين .. و ضخّم الأمريكان من سمعة صواريخ استينغر ودورها لغايات دعائية وتجارية ونفسية وكأن ستينغر هو الذي هزم السوفييت في افغانستان وليست الأرض .. والحقيقة ان ماهزم السوفييت هو صاروخ استينغر من نوع آخر هو (استينغر الأرض والشعب) الذي كان بحوزة خصومهم ولم يكن ممكنا النصر حتى لو حجبت السماء بالطائرات السوفييتية .. في حين أن القوات السورية في حلب هي قوات سورية وكثير منها من أبناء حلب .. ولذلك فان التهديد بالـ (ستينغر) هو مثل التهديد بالتاو لن يغير المعادلة بل يغير التكتيك والمناروة مالم يكن هناك طيران اميريكي يدعم المقاتلين الذين يحملون استينغر .. واذا دخلت الطائرات الامريكية المعركة عندها سيحدث أكثر سيناريو يخشاه العالم .. وهو الصدام بين جبارين مسلحين بمسدسات نووية ..

نصيحتي الشخصية ألا تكترثوا لخطط وتهديد الامريكان بخطط فارغة .. فهم يجترون الماضي حيث انتصاراتهم التي انتهى زمنها في سورية .. وقد استهلكوا كل الحروف ويحتاجون الى اختراع حروف جديدة بعد الياء وهم يعرفون ان حلف المقاومة قد ادخر كثيرا من قوته لمثل هذه المرحلة التي احتاجت الكثير من الصبر وضبط الايقاع والاعصاب والمناورة الهادئة ولم يستعمل كل الطاقة التي لديه لأنه يعلم ان حرب الاستنزاف يقصد بها أن تضطر الى استخدام كل الطاقة والخطط البديلة حتى تفلس من كل الخطط .. ولكن من سيجعل الأمريكان يهدؤون ويخففون الانفعال ولهجة الغضب هو أن الروسي يمد يده ويستل الخطة ب الخاصة به التي تحملها الطائرات الحديثة التي تهبط في مطارات سورية وتصدرها بيانات الخارجية الروسية التي ذكرت الامريكان بأن الشرق الاوسط “سيهتز” بالزلزال ..

محورنا يتمدد ويحرر .. واذا صمم الأمريكان على اشهار الخطة ب فعندها سيخرج محورنا الخطة ب الخاصة به التي كانت في أدراج الرئيس الأسد والرئيس بوتين والسيد حسن نصرالله .. ويخشى الجميع ان يصل الوضع الى ساعة الصفر واطلاق المرحلة ب .. والتي لن تتوقف حتى تصل الى مرحلة الخطة (ن) ..

هل تعرفون ماهي مرحلة وخطة (ن) ؟؟ انتظروا واصبروا

 

نارام سرجون