القرارات المتخذة في اجتماع أوبك+ في 2 يونيو تتماشى مع انخفاض قدرة الكارتل على تحديد الأسعار مع اقتراب ذروة الطلب على النفط. ويرى محللون أن التفاؤل بالقدرة على التحكم بالأسعار في غير محله.
الرياض – يمكن النظر إلى اجتماع أوبك+ الذي انعقد في الثاني من يونيو بطريقتين مختلفتين، إما وصف استنتاجاته بالعملية أو اعتبارها أحدث تهرب من المسؤوليات.
ولم يكن شكل الاجتماع مثلما كان متوقعا، حيث كان من المقرر أن يجتمع الوزراء في فيينا، لكن الحدث أصبح افتراضيا في اللحظة الأخيرة تقريبا.
واستثنى هذا المنتجين السبعة الكبار الذين “دُعي” وزراؤهم إلى الرياض لحضور اجتماع مسبق مع وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان.
ويقول الدبلوماسي البريطاني السابق أليستر نيوتن في تقرير نشره موقع عرب دايجست إنه يمكن للمرء أن يعتبر هذا وسيلة لفرض إملاءات سعودية، لكن يتعيّن تنسيب الأمر بالتساؤل عن سبب اختيار عقد الاجتماع عن بعد بالنسبة لجل أعضاء المجموعة.
وبينما اطلع السعوديون على مسودة واحدة على الأقل مسبقا، كان توقيت الاجتماع غريبا. فمن غير المتوقع صدور تقارير مستقلة من ثلاثة مستشارين من المفترض أن يوفروا أساس تحديد حصص 2025 حتى نهاية يونيو.
ومن غير المقرر أن يجتمع الكارتل الآن مرة أخرى حتى الأول من ديسمبر للرغبة في تجنب ما يحتمل أن يكون نقاشا أكثر حدة حول الحصص أكثر مما حدث خلال 2023. كما أن إعفاء الإمارات وحدها من الحصص الحالية بالسماح لها بزيادة تدريجية بمقدار 300 ألف برميل يوميا حتى 2025 كان مدفوعا، دون شك، بالحاجة إلى تجنب إعادة إشعال الخلاف الوحيد الذي أمكن حله جزئيا في 2021 والذي قد يؤدي في المرة القادمة إلى انسحاب أبوظبي من الكارتل.
ولم يكن من الواقعي قرار تمديد جميع التخفيضات في الإنتاج التي تقرر تنفيذها منذ نوفمبر 2022 والبالغ مجموعها الآن ستة ملايين برميل يوميا، على الرغم من أن هذا يعكس بالتأكيد واقع السوق السائد.
وجاء في مجلة الإيكونوميست بتاريخ السابع والعشرين من مايو أن “جزءا من سبب فشل أوبك في تعزيز الأسعار هو أن أعضاءها يفشلون في الالتزام بأهداف الإنتاج… يفرط الكارتل الآن في الإنتاج إلى درجة أن إنتاجه اليومي في 2024 لم يتغير كثيرا عن الربع الأخير من 2023… تجاوز الكارتل وشركاؤه هدفهم كل شهر منذ الجولة الثانية من التخفيضات ‘الطوعية’ في يناير. واقترب الفائض من نصف مليون برميل في اليوم في أبريل، وهو مستوى شهدناه آخر مرة قبل ثلاث سنوات”.
والأسوأ من ذلك أن منتهكي الحصص يشملون الخافضين الطوعيين، وقد تكون من بينهم السعودية نفسها.
وقد ضخوا في أبريل أكثر من 800 ألف برميل في اليوم فوق هدفهم الجماعي، أي أكثر من ثلث التخفيضات الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل في اليوم التي اعتُمدت في يناير والتي تقرر تمديد العمل بها حتى نهاية سبتمبر. ولا يوجد سبب يمكن أن يدفعنا إلى افتراض كون الانضباط الذاتي على وشك التحسن، بل أن العكس هو الصحيح.
وكانت استجابة السوق لكل هذا واضحة حيث انخفض خام برنت إلى ما دون 80 دولارا للبرميل إثر الاجتماع مباشرة.
وحدث ذلك للمرة الأولى منذ الأسبوع الأول من فبراير. ويستمر الأمر على حاله إلى حد كتابة هذه الأسطر رغم الانتعاش المعتدل. ويقدّر حتى بنك غولدمان ساكس الميال إلى الترفيع عادة أن المخاطر على “نطاق 75 – 90 دولارا لخام برنت تميل إلى الاتجاه الهبوطي”.
ولا يدرس الجزء الفرعي الثاني من تحليل البنك الصادر في الثاني من يونيو بيان أمانة أوبك بل بيانا صادرا عن وزارة الطاقة السعودية.
وجاء في البيان “في حين تمثل هدف 8 دول من أوبك+ دائما في ‘العودة التدريجية’ إلى 2.2 مليون برميل في اليوم من التخفيضات الطوعية الإضافية… ‘المرهونة بظروف السوق’، فإننا متفاجئون من أن هذه البلدان تعلن الآن عن جدول زمني مفصل للتخفيضات في مواجهة مفاجآت المخزونات الأخيرة الصعودية مقارنة بتوقعاتنا. ويرتفع مستوى الإنتاج المجمع من هذه الدول الـ8 في الجدول التفصيلي المنشور على موقع وزارة الطاقة السعودية من مستويات يونيو إلى سبتمبر 2024 بمقدار 754 ألف برميل في اليوم بحلول يناير 2025 وبمقدار 2.5 مليون برميل في اليوم بحلول الثلاثي الرابع من 2025. وبينما ‘يمكن إيقاف هذه الزيادة الشهرية مؤقتا أو عكسها وفقا لظروف السوق’، يصعب وجود مسار افتراضي واضح لزيادة الإنتاج والحفاظ على انخفاض الإنتاج”.
ويبدو أن الدعامة الأساسية لإلغاء التخفيضات تكمن في إصرار أمانة أوبك على التمسك بتوقعاتها بأن الطلب العالمي سينمو بمقدار 2.2 مليون برميل في اليوم حتى 2024.
ومع بقاء أسعار الفائدة الأميركية الآن “أعلى لفترة أطول” واستمرار اعتماد النمو الاقتصادي الصيني على الصادرات رغم التوترات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يبقى هذا أعلى من كل التوقعات (أحدث توقعات وكالة الطاقة الدولية هي 1.1 مليون برميل في اليوم فقط) ويوجّه صفعات متزايدة بسبب التفاؤل المبني على الأمل الضعيف في أن “شيئا ما سيحدث”.
وينطبق هذا على أعضاء الكارتل لتأخيرهم القرارات الصعبة في انتظار المعجزات. ويبقى هذا غير واعد حيث يبدو الطلب مصدر أملهم، ويبدو العرض في مرتبة أقل فقد يتجاوز النمو في الإنتاج بين المنتجين من خارج أوبك+ النمو في الطلب خلال 2024 و2025.
وأشارت المحللة كاميلا بالادينو في صحيفة الفاينانشال تايمز إلى أن شن حرب أسعار أخرى سيفشل تماما كما حدث في 2014 حين عملت السعودية على إخراج منتجي الصخر الزيتي من السوق، وخاصة مع استمرار توحيد توفير التكاليف في القطاع الأميركي.
ولا يتجاوز سعر التعادل في حقل غيانا الجديد 30 دولارا للبرميل، ولا يتماشى انخفاض التكاليف الخارجية مع أي حرب أسعار محتملة.
وليست للكارتل خيارات جيدة مع اقتراب ذروة النفط. وكتبت بالادينو أن هناك دلائل على أن أوبك وداعميها الخارجيين قد يصلون نهاية الطريق قريبا.