بدو كل من أمينة ج. محمد النائبة الحالية للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وميا موتلي، رئيسة وزراء بربادوس التي تشغل أيضا منصب وزيرة المالية والشؤون الاقتصادية والاستثمار في بلدها، وكذلك وزيرة الأمن القومي والخدمة العامة، من أبرز المرشحات لقيادة منظمة الأمم المتحدة بعد عامين.
ويرى محللون مجموعة من الخصال تؤهل الشخصيتين لتولي المهمة ومجموعة من العيوب أيضا يمكن أن تؤثر على حظوظهما إذا اختارا الترشح.
وتشغل محمد منصب نائب الأمين العام منذ 2017 ما يجعلها مخضرمة في الدوائر العليا.
وتعد تجربة محمد، وهي نيجيرية مولودة في بريطانيا، أثرى من ذلك، حيث لعبت دورا حاسما في وضع خطة التنمية لما بعد 2015 بصفتها أمينة عامة مساعدة في مكتب الأمين العام السابق بان كي مون.
وكانت حلقة وصل للأمين العام والفريق رفيع المستوى المكون من الشخصيات البارزة والذي أنشئ تحت إشراف العديد من القادة السياسيين العالميين. وتعني هذه التجربة في منظمة الأمم المتحدة فهم محمد للأعمال الداخلية للعلاقات الدولية، وتفاعلها مع العديد من قادة العالم لأكثر من عقد.
كما أن جذور محمد النيجيرية مثيرة للاهتمام أيضا، حيث شغلت منصب وزيرة البيئة في بلدها قبل أن تصبح نائبة الأمين العام للأمم المتحدة. وقادت جهود بلادها لبلوغ أهداف التنمية المستدامة ومكافحة تغير المناخ. وتشمل خبرتها السابقة الوكالات الحكومية والأمم المتحدة والأوساط الأكاديمية، بما في ذلك فترة في جامعة كولومبيا في نيويورك.
وشهدت الفترة التي قضتها محمد نائبة لغوتيريش في الأمم المتحدة لعبها دورا مهما في التنمية المستدامة. وتترأس مجموعة التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة وحاولت إعادة وضعها وأهدافها في جوهر عمل المنظمة.
كما أشرفت على الإصلاحات التي تمنح منسقي الأمم المتحدة المقيمين (كبار موظفي التنمية في الأمم المتحدة على المستوى القطري) قدرا أكبر من الاستقلالية والسلطة لتنسيق أنشطة الأمم المتحدة في بلدانهم. وقالت محمد في مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة إن هذه التغييرات ستسمح بـ”قادة أكثر استقلالية وحيادية” على المستوى القطري.
وأضافت “أريد القول إننا شهدنا في الماضي قائد أوركسترا يقود نشازا دون أن يكون ذلك خطأه. كانت اليد اليسرى لا تعرف ما تفعله اليد اليمنى. لكن أمامنا اليوم فرصة لوضع سيمفونية لأهداف التنمية المستدامة. هذا هو الفرق الحقيقي على الأرض”.
وسيصدر القرار النهائي بعد عامين؛ حيث سنعرف ما إذا كانت محمد ستتولى المنصب. لكن المحللان فيليكس دودز وكريس سبنس يقدمان تقييما لخصالها وعيوبها إذا اختارت السعي إلى المنصب.
آفاق أمينة محمد
مع اقتراب المنظمة من عيد ميلادها الثمانين، يرى العديد من المراقبين أن هذا يكاد يكون فضيحة، خاصة لعدد المرشحات القويات على مر السنوات، إذ لم تكن على رأس الأمم المتحدة امرأة.
ويرى دودز وسبنس في تقرير نشرته خدمة إنتر برس أن محمد تبقى من قدامى الأمم المتحدة، إذ تقول الحجة إن الشخص المطلع الذي يتمتع بالمعرفة الصحيحة سيكون قادرا على الوصول إلى الأرض بسهولة أكبر من الغرباء.
وشملت تجربة محمد مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث تُتّخذ الكثير من قرارات المنظمة الإستراتيجية الرئيسية. وستكون هذه المعرفة بكيفية عمل الأمم المتحدة على أعلى مستوياتها ميزة خلال الأوقات المضطربة.
ويمكن أن تشير محمد إلى عدد من النجاحات خلال فترة عملها نائبة للأمم المتحدة، وخاصة إصلاحاتها الداخلية ومناصرتها لأهداف التنمية المستدامة.
ومع الرياح المعاكسة التي واجهتها المنظمة خلال السنوات الأخيرة، يمكن القول إن من يمكنه الإشارة إلى بعض النجاحات الحقيقية يمكن أن يقدم حجة مقنعة لتولي المنصب.
لكن في المقابل يوجد تقليد (أو على الأقل توقع) أن يتناوب الأمين العام للأمم المتحدة عبر مناطق الأمم المتحدة المختلفة، لكن هذا لا يحدث دائما.
وأنطونيو غوتيريش برتغالي، بينما كان من المفترض أن يكون المختار من أوروبا الشرقية، ولكن يعتقد كثيرون هذه المرة أن دور أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي قد حان. وإذا وافق عدد كاف على هذه النقطة، فستتضاءل فرص محمد بشكل كبير.
وعادة ما يفوز الغرباء إذ تعدّ الترقيات الداخلية إلى أعلى منصب في الأمم المتحدة نادرة. ومن الواقع أن نائبي الأمين العام لم يشهدوا ترقيتهم أبدا. لكن يمكن القول إن وظيفة النائب جديدة إلى حد ما، حيث لم يكن المنصب موجودا قبل 1998. كما يذكر الداعون إلى الترقيات الداخلية أن كوفي عنان، الأمين العام السابق، كان من كبار موظفي الأمم المتحدة قبل توليه المنصب الأعلى. لكن غياب سابقة حديثة للترقيات الداخلية وحقيقة أنه لم يسبق لأي نائب سابق في الأمم المتحدة أن تولى المنصب الأعلى يمكن أن يكونا عقبة.
وتبقى أمينة محمد معروفة جيدا في الدوائر الدبلوماسية الدولية وليس خارجها. لكن مراقبين يتساءلون: هل ستقوض طموحها حقيقةُ كونها غير معروفة على نطاق واسع بين الجمهور العام؟
آفاق ميا موتلي
عندما يتحول الحديث إلى من قد يعوّض أنطونيو غوتيريش، يردد العديد من المطلعين اسم ميا موتلي، رئيسة وزراء بربادوس التي تشغل أيضا منصب وزيرة المالية والشؤون الاقتصادية والاستثمار في بلدها، وكذلك وزيرة الأمن القومي والخدمة العامة.
وهي ثامن رئيس وزراء لبربادوس وأول امرأة تشغل هذا المنصب. وقادت حزب العمال إلى فوزين ساحقين في الانتخابات عامي 2018 و2022.
ويقول دودز وسبنس “إن كانت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تبحث عن قائد دولة لتوجيه الأمم المتحدة والتعددية في هذه الأوقات العصيبة، فستكون موتلي منافسا واضحا”.
وظهرت موتلي لأول مرة على رادارات العديد من الأشخاص بعد خطابها الحماسي في مؤتمر غلاسكو للمناخ (كوب 26) في أواخر 2021. وأتبعت كلماتها الحماسية في أسكتلندا بمبادرتها بريدجتاون، التي تدعو إلى إصلاح كبير للمؤسسات المالية متعددة الأطراف في العالم، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وتريد موتلي أن يكثف صندوق النقد الدولي وغيره الجهود بشأن تغير المناخ وتحديات التنمية الأخرى وتقديم المزيد من الدعم للبلدان الأكثر ضعفا. وحثت على تسهيل الحصول على التمويل وإتاحته بأسعار فائدة أقل. كما تدافع عن الفئات الأكثر ضعفا، بدلا من القروض التي تزيد ديون البلد.
وعملت مع حكومة فرنسا وشركاء آخرين من الشمال والجنوب، ودعت إلى تغييرات واضحة وقابلة للقياس في التمويل الدولي، بما في ذلك المزيد من الأموال لمقاومة تغير المناخ وحقوق السحب الخاصة لتمكين البلدان النامية من الوصول إلى صناديق المناخ الطارئة بسرعة وسهولة أكبر.