د. بسام الهلول
كلنا قادمون من اهل الوبر…
درس من حصة الهندسة…
اللّي دلّى ماثنّى واللي غسّل مالحق)…ومستواه الدلالي.
كنت اعجب فيما مضى من سالف الايام من شره وانكبابنا على طبق القطايف وكان الواحد منا سهمه ينيف عن العشرة من حباتها ففهمت ان السبب ليس شهوتنا وجام عشقنا لها بل الان عقلت ان الوجبة لم تكن كافية لنصدر عنها وانما الفقر والخصاصة فكنا نكمل بالتتام من القطايف وليس عشقا لها ولما يتقاطر منها القطر)..عقلت الان بل تصيبني الدهشة انّى لأسرة عددها عدد فريق القدم وواحد احتياط..يتسنى لهم رغدا من العيش حيث يصدق فينا المثل السيّار( اللي غسّل ما لحق)..وفهمت الان لم توبخنا الوالدة ( هل غسلت ايديك)..ذلك ان من( دلّى ما ثنّى ، واللي غسّل مالحق)…الله الله وهل بعد هذه المخمصة من عظة وعبرة)…وبعد ذلك كلّه يتقدم رهط من هذا الاجتماع البائس ومن ولدوا وازدادوا على هذه الدنيا ( مابحرث الارض غير عجولها)..ياوليدي دير بالك على الاردن…ونسوا ورغم قربنا من نبي الله مما شرّع نقول لهم ماقالها العسكري الأردني خلف( سيدي ما في السرية غير خلف)…وهاانا اقولها لمن هم في وسم( ابن ابيه)…لسنا فراء تتدثرون بها في مواسم( كوانين) القاسية برودتها ، ثم ماتلبت ان ترفسنا برجليك عندما تشعر بالدفيء ..وبالمناسبة سمي ( زياد ابن ابيه)..لانه لايعرف له اب فلقب بهذا( ابن ابيه)…فما بالك إذا كان ( ابن جماعة)….فالمصيبة ادهى وأمرّ…ونؤكد على ( ابناء جماعة)…اننا هنا نسلنا من نكاح لا من سفاح…وليقتصد هؤلاء ونقول لهم( فيك طب حط على راسك خب)…الأمر الذي يجعلني ان اعرج على حصة في الهندسة وفي باب( التتام).. مما ابتلي به المجتمع الأردني وهي ظاهرة من ظواهره تحت باب( تدليس الشيوخ) الأمر الذي أجاز رخصته ( الانزياح المفهومي) في المطارحة.. … (الاردنيون..وتدليس الشيوخ… )
لم ار ولم اقرأ فيما تدارسته مع أستاذها المعتبر ( الدهر).. في مدرسة الحياة ان شعبا مصابا بهذه الافة والتي توسم في علم الرجال ( تدليس الشيوخ)…وهذا المصطلح استضفته من محاضر الدرس عند علماء الجرح والتعديل و محاضر النقاد في المدرسة الأدبية الحديثة والمعاصرة حيث يطلق عليه( الانزياح المفهومي).. Changement conceptuel
وتتلخص هذه الافة بوسمها عندنا ( نضاخ….) وهذه تكثر عندنا في المناسبات مثلا عاد ولدنا من القطر الفلاني وقد حصل على مرتبة الشرف ووسام الاستقلال وانه لامثيل له في جيله او أترابه علما بان معدله في الثانوية العامة لا باس …واذا سالته هو الاول كلنا الاول وحاولت ان ابحث عن اردني( الطشي) فلم اجد الا( انا)…الطشي اي مرتبته الاخير في الصف.. وتظهر هذه الحالة كذلك في المناسبات والأفراح ان ولده النطاسي اللوذعي خريج جامعة كذا ومن قطر كذا لااحد( يفري فريه) كما تقول العرب وان ابنته الحاصلة على كذا وكذا وانها إلى ( رافع راسه)… الحاصل على كذا وكذا او من راسه يصل( سقف الحيط)..وملخصه( النفخة والكلخة)… او ماورد في موروثنا الشعبي( الشوشة مشوشه وقفاه مبوشة)..هذا يصطلح عليه( تدليس الشيوخ) كقولهم قديما في أوصاف الرجال( العالم النحرير)..او( الحبر الفهامة)…. لا تضاهيه قامة وفي الحقيقة لم يصل بعد مرامها ولا زال حصرما كما تقول العرب( لم يتزبب )..اي لم يصل حالة الزبيب…ولذلك فهمها السياسي عندنا وهذا واضح من خلال تعامله معنا وما يصرفه من القاب للسذج الغوغاء ( بطيش على شبر مي)..ياريت( نغض عليها شوي)..ونلف رسنها…وكما قالها الشاعر ( نسي الطين انه طين فصال تيها وعربد)..لاتشح بوجهك عن وجه اخيك فلا هو فحمة ولا انت فرقد)كلنا خلق التراب واترك الايام تعرف بك…وللعلم ان الناس في الغرب لاتوجد عندهم هذه الافة فالأوروبي ليس من طبعه( النضخ)..علما بانه علم في بابه وازعم انها ثقافة( الاعراب)..تضج كثيرا بها وتحتشد قواميس ومعاجم اهل( الوبر).. ومنازعها من هناك وان سكنا ( المدر ) فكلنا قادمون من ( الوبر)…
د. الهلول كاتب ومفكر اردني