د. بسام الهلول
– [ ] …كان الشرق ولم يزل مسرحا تستثمر فيه لرحلات الخيال عندادباء وشعراء امثال كوليردج وشيللي إلا انه كان يبدو خطرا( فضا) يهدد حضارة الغرب وتقاليدها ربما كان هذا المسوح الصوفي استجابة للمشاكل المتصاعدة عن عصر المادية والتصنيع ودخان المعامل وأبخرة المناجم ورغم هذه الرومانسية إلا أنهم كانوا يديمون وعيا ( إمبرياليا به) اذ عد الشرقيون عنصرا غريبا وخطيرا الأمر الذي جعلني اعرج على كلمة قالها وزير الحرب الاسرائيلي( جالانت) انه يحارب ( حيوانات بشرية). غير متحضرين ، متخلفين، بدائيين هذا الازدواج النكد بل الفصام غير المؤجل جعلهم رهن هذا الازدواج المربك رغم ما كنا نقراؤه ان شرقنا جميلا إلا انهم لم يكونا قادرين على قبول التعامل مع الشرق ندا او تصور شرق يقرر مصيره بنفسه رغم وجود بعض جزر توشح بها إعجابهم بنا وهذا استثناء لامقيس على من مثله إلا ان مايحمعهم موقفهم السلبي تجاهنا فهو لم يزل كائنا بدائيا ، عدائيا، قدريا الامر الذي استدعى حضورهم في شرقنا لضبط ( بدائيتنا) و( عدائيتنا) من هنا جاءت رعايتهم وكفالة هذا اليتيم( الكيان الاسرائيلي) والمحاط ببحر من الوحوش البشرية كما ظهر ذلك على( فلتة لسان الصهيوني( جالانت) وتجلى بدائيتنا فيما يلقيه بعض ساسة الغرب وما سمعناه من اجتماع لوزيري خارجية امريكا وبريطانيا في مؤتمر صحفي يعزز مستقر الوعي من لدنهم اننا بلهاء سذج وذلك فيما يلقونه من كلام على اسماعنا اعتقادا منهم اننالانميز مفردات خطابهم وهم يناقشون امر غزة بعد خروجها من الحرب وعجبت من اقتسامهم امرها كمثل اختلاف الورثة ووالدهم لازال في( كوما) اي غيبوبه اذ القلب لازال ينبض او اننا الصبية لم نبلغ بعد سن الحلم ،
– [ ] لعمري انه برنامج مصلحي امبريالي مع الاحتفاظ علينا كخزين ثرٍ للطبيعة وللبدائية وللعجائبية مع الاحتفاظ بنا اقليما ساحرا يجنبوننا إرباك آلياتهم وإيقاظنا أسفنجة لامتصاص منتجاتهم الصناعية وهذا ما عشته وعاينته عندما كنت دارسا في فرنسا عند مقدمنا الأسبوع الاول وما قدمته لنا ( مدام ادم) من شروح توضيحية كيف نتعامل مع قطع اثرية تركتها ( الجدة) لمدام ادم من مثل النوم على السرير واستعمال النياحارا في التواليت واستخدام الفورشيتا والسكين واستخدام المذياع الذي تركته خلفي في قريتنا واستخدام التلفزة ثم ذهبت بنا جولة إلى الحديقة المزروعة بالبندورة والفلفل وعباد الشمس، وخاتمة الأمر ( أوصتنا بكلبتها( خوفو) احسانا كل ذلك جرى منها بالإشارة وحمدنا الله اننا كنا ومن خلال استماعنا لفضائية عمان ان اكتسبنا بعض اشارات الصم والبكم عند نشرة الاخبار مما أعاننا على فهم مقصدها وخاصة عند استخدام( المستراح) اي التواليت وحالة الشطف المرافقة وطلبت من الزوجة ان تتخلص من لباسها الصحراوي القائمة مفرداته على غطاء الرأس والرداء الطويل باعتبار ان مدينة( رويان) ذات الشاطيء السحري وغاباتها السوداء لكثافة شجرها وبعد هذا الدرس وبعد ان علمت ان قدومنا من عاصمة الجن والملائكة ( باريس) قالت لنا وبتنهيدة عجيبة قالت بلغت من العمر ( الستين ونيف) ان حلمي لم يكتمل بعد اذ انني احلم بزيارة( باريس) التي قدمنا منها وشيكا ولقد فوجئت بأنكم تتكلمون( الفرنسية الفصحى) فالسقط ما في يدها وأرتج عليها
– [ ] عندما أخبرناها اننا نعرف( الطوماط). و( تور ايفل)
هذا هو الغربي في نظره عالمه المتمدن وشرقنا المتدني رغم ماجاء على السنة بعض فلاسفتهم كتوماس كارليل في كتابه( البطل نبيا) اذ يقول( تأمل ذلك الافق الشاسع، الفارغ ، من الرمال، ساكن، كبحر رملي، يفصل بين مستقرواخر . فأنت تكون منفردا هناك متروكا لوحدك ازاء هذا الكون ، تلهبك شمس قاسية خلال النهارباشعاع لايطاق إلى انزيقول ؛ بلد مثل هذا يتناسب مع عنصر بشري رشيق الحركة، عميق القلب، ثمة شيء عظيم الفطنة ، حيوي، ومع هذا شديد التأملية والاندفاعية، في الشخصية العربية)، انتهى الاقتباس.
لعمري؛ ان وقوع( جالانت) هذا العنصري الصهيوني تحت ضغوط العديد من هذه( الثيمات) والتحاملات ان هي إلا خزين استشراق حاضر في ثقافته في استخدامه ( حيوانات بشرية) انما هي فوقية سلطوية استشراقية تكشف عن خفاء ارث فكري ممزوجة بأمية قاتلة يمازجها ( عصابا خيلائيا) أعمته الة الحرب بل ماكنتها العمياء ونسي ورغم عويص تصحرنا السياسي على يد بعض ساستنا وخطابها المرتهن لسادتها إلا انه لايعيبنا ( روح صحرائنا) والذي لم تكن مانعا بان نمسك بالعصرنة المتمثلة في زئير قطار بغداد ولا يغيب عن مسمعنا رعاة الوحش الفولاذي وصهيل افراس من سفكوا دماء الهندي الاحمر وما فعلته كلابهم من نهش لامرأة من قبائل الازيتيك ولن ننسى ماكتبه ورسمه من صورة العار الذين توشحوا به قديما وحديثا ومايحويه على ايديهم من قتل للطفولة البريئة في غزة هاشم..وليقرأ جالانت ماكتبه تزفيتان تدروف في كتابه( فتح امريكا) وما فعلته كلابهم في امراة اكلتها كلابهم من قبائل ( المايا)..لعمري؛ انها الخمرة العتيقة في الجرار الجديدة … وكذلك يفعلون وما غزة وأيامها بسر.
د. الهلول كاتب ومفكر اردني