بينما تواصل إسرائيل، بدعم وتحيز من الولايات المتحدة، حربها في قطاع غزة، توجهت دول عربية وإسلامية “محبطة” إلى الصين، على أمل بناء إجماع دولي للضغط نحو إنهاء القتال، وهو ما يطرح تساؤلات بشأن قدرة الصين على تحدي النفوذ والدور الأمريكيين في هذا الملف، وفقا لصحيفة “فياننشال تايمز” البريطانية (Financial Times) ترجمه “الخليج الجديد“.
ومنذ 45 يوما يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت ما يزيد عن 13 ألف شهيد فلسطيني، بينهم أكثر من 5 آلاف و500 طفل، و3 آلاف و500 امرأة، فضلا عن أكثر من 30 ألف جريح، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.
فيما قتلت حركة “حماس”، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، وأسرت نحو 239، بينهم عسكريون، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.
ووصل وفد وزراء الخارجية ومسؤولين آخرين من دول عريية وإسلامية إلى بكين، في زيارة تستمر يومي الإثنين والثلاثاء، مع تقدم القوات الإسرائيلية عبر جنوب وشرق مدينة غزة، وسيطرتها بالكامل على مستشفى الشفاء؛ مما أثار مخاوف دولية بشأن كارثة إنسانية في القطاع المحاصر، بحسب الصحيفة.
وأوضحت أن الزيارة تأتي “وسط إحباط متزايد في الدول العربية والإسلامية؛ بسبب رفض الولايات المتحدة، الوسيط الدبلوماسي المهيمن لفترة طويلة في الشرق الأوسط، إلقاء ثقلها وراء الدعوات لوقف إطلاق النار، وفي الوقت الذي تكثف فيه الصين جهودها لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط”.
وتزود واشنطن تل أبيب بأقصى دعم عسكري ودبلوماسي ممكن، وترفض الضغط عليها لوقف إطلاق النار في القوت الحالي؛ بزعم أن “حماس” ستستفيد من هذه الخطوة لإعادة تنظيم صفوفها.
“وشعر العالمان العربي والإسلامي بالغضب إزاء نطاق الموت والدمار في غزة، ويخشيان أن يؤدي الغضب الناجم عن الهجوم الإسرائيلي إلى تأجيج التهديدات الداخلية والإقليمية لأمنهما”، وفقا للصحيفة.
ويهدف الوفد، الذي يتكون من مسؤولين سعوديين وأردنيين ومصريين وإندونيسيين وفلسطينيين ومنظمة التعاون الإسلامي، إلى إجراء مباحثات مع ممثلين عن جميع الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي، وهي الصين والولايات المتحدة وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
تسوية أكثر استدامة
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الذي استقبل الوفد، إن المجتمع الدولي بحاجة إلى اتخاذ إجراءات لحماية أرواح المدنيين، وإن الحل هو إيجاد تسوية أكثر استدامة لقضية الدولة الفلسطينية.
وتأتي الزيارة في وقت كثفت فيه وكالات الإغاثة تحذيراتها بشأن الظروف الإنسانية المتردية في غزة، التي تعاني من نقص الوقود والماء والغذاء، مع تشريد 1.7 مليون من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من تداعيات حصار إسرائيلي مستمر منذ أن فازت “حماس” بالانتخابات التشريعية في عام 2006.
وعلى الرغم من الضغوط الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة، رفضت إسرائيل التزحزح عن موقفها، وقال رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ليلة السبت إنه سيرفض أي وقف لإطلاق النار لا يرافقه إطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى “حماس”.
وقالت الصحيفة إنه “في حين أن الولايات المتحدة هي القوة الأجنبية الوحيدة التي تتمتع بنفوذ كبير على إسرائيل، فقد نمت علاقات الصين مع الشرق الأوسط بشكل ملحوظ على مدى العقدين الماضيين، وذلك بشكل رئيسي من خلال التجارة مع المنطقة، التي تعد أكبر مورد للنفط والغاز إلى القوة العظمى الآسيوية”.
وزادت بأن “بكين لم تسع تاريخيا إلى تحدي الدور الدبلوماسي والأمني المهيمن لواشنطن في العالم العربي، ولكن توجد دلائل على أن الصين تتطلع إلى تعزيز نفوذها”.
وفي ما يشبه “انقلاب دبلوماسي”، بحسب الصحيفة، توسطت الصين في مارس/ آذار الماضي في اتفاق بين السعودية وإيران استأنفا بموجبه علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت نحو 7 سنوات.