الرئيسية / أخبار / سخرية واستهزاء! هذا ما يقوله قادة إسرائيل،،، الفلسطينيون شعبٌ مُزيف، والاردن كيان مُصطنع وخزان بشري لأزمات المنطقة!

سخرية واستهزاء! هذا ما يقوله قادة إسرائيل،،، الفلسطينيون شعبٌ مُزيف، والاردن كيان مُصطنع وخزان بشري لأزمات المنطقة!

المهندس سليم البطاينة

لا أعلم حقاً ان كان لصوتي صدى؟ وكيف يمكنني أن أكتب مما نشاهده وما تفعله إسرائيل بنا،، وما يصدر من مسؤوليها اتجاه الاردن وفلسطين والعرب من استهزاء وشتائم وسخرية! ونحن صامتون مخصيُون لا حيلة لنا،،، لكن سأكتب ما يحلو لي، وبما يرضي ضميري، متجاوزاً غرور من يختلف معي،،، فـ كل خوف هو خوف مشروع ومكتسب،،، والاحداث التي تجري حول الاردن بعلمنا أو بدون علمنا ليست ببعيدة عن واقع جديد بدأ يتشكل.

ما بين ما نلحظه ونستشعره يتمثل في اخفاء ما يدور وما يتم تنفيذه والاعداد له! لذا ما يجري كشفه من وقت لآخر ليس سوى إعلان كاشف لجزء يسير من المخفي.

قادة إسرائيل لا يشعرون بالخجل من أي شيء ويرون ان مستقبل الفلسطينيين في الاردن فقط،، وإسرائيل يحكُمها يمين متطرف وفكرٌ لا يقيم وزناً لمن لا يؤمن بالفكر الصهيوني التوراتي.

ويخطئ من يتصور للحظة أن مخطط (ثيودور هرتزل ) مات معه ،،، ومخطئ أيضًا من لا يعرف أن مشاريع الضم والتغير والتهجير الاسرائيلية باتجاه الاردن هي مشاريع مدعومة وممولة من بعضٍ من الانظمة العربية وبرعاية صهيونية امريكية! فإسرائيل لن تنجح في مخططها المعلن بقانون ( يهودية الدولة ) إلا من خلال ضم الاغوار ( تم ذلك قبل سنة ) ، وتفريغ قطاع غزة من أهلها ، والضفة الغربية من سكانها ( حسب ما ورد في بنود صفقة القرن السرية و بنود تصحيح   اتفاقية سايكس – بيكو الامريكية بإعادة النظر بمجمل الكيانات العربية) ،،، بنقل الفلسطينيين من الضفة الى الاردن وبناء مُدنٍ جديدة لهم ، ونقل الفلسطينيين من الجليل ومعهم سكان جنوب لبنان الى ما بعد خط السكة الحديد شمال مدينة جزين الجنوبية ( ضم الجنوب اللبناني حتى نهر الليطاني وإنشاء دولة مسيحية ) لتصبح تلك الاراضي ضمن حدود دولة إسرائيل.

أما سكان الجولان المحتل وسهل الحولة، ومنطقة الجليل الشرقي سيتم تهجيرهم إلى ما بعد درعا السورية! على ان يكون اكتمل المخطط بإقامة دولة درزية تبدأ من تخوم الصحراء وتنتهي على شاطئ بلدة (الجيّة) اللبنانية.

بالتأكيد لم تكُن موافقة الكونغرس الامريكي عام ١٩٨٦ على خطة (Bernard Lewis ) لتقسيم العالم العربي مجرد لعبة انتخابية وقتها ،،، و لطالما ردد بن غوريون ( واضع حجر الاساس لنظرية الامن الاسرائيلية ) وموشيه ديان بأنه لا حق للأردن في الوجود لأنه كيان مصطنع.

تلك المؤامرات والخطط ليس من الحكمة أنكارها فهي موجودة ومتجذّرة في الفكر الصهيوني ويعرفها القادة العرب،،، فإسرائيل تربطها ثلاثية لئيمة وهي (يهودية الدولة والديموغرافيا، والترانسفير!)،، والاردن الصغير والكبير هو جزء من خرائط عدة أصدرتها مراكز أبحاث إسرائيلية وغربية ! الهدفُ منها سرقة التاريخ واللعب بالديموغرافيا، وانهاء القضية الفلسطينية.

كثيرٌ من المسؤولين والنُخب في الاردن لا يعرفون المعنى الحقيقي لغدر الارشفة وسرقة التاريخ! و لا يعرفون الثوابت الاسرائيلية و اللآت العشر التي تحكم اسرائيل، و الخوف ان هناك شكلاً جديداً للأردن يصاحبه خارطة سكانية جديدة،، حيث تتحدث خرائط التقسيم عن احتمال إنشاء الاردن الكبير او الجديد على رأي سفير الولايات المتحدة الامريكية السابق في الاردن ( هنري ووستر ) ،، كجزء من الترتيبات الامريكية الاسرائيلية لإغلاق ملف القضية الفلسطينية ! وفي حال تطبيقه فإن ذلك يعني تقويض النظام السياسي الهاشمي لتسهيل هذا الاغلاق.

إن جميع مصطلحات ومشاريع الشرق الاوسط الجديد والكبير،، والاردن الجديد والشام الجديد، ومشروع المحافظين الجُدد كلها مشاريع أمريكية الصُنع هدفها ضمان أمن إسرائيل   لعقود قادمة، وتطويع المنطقة العربية لها. قبل سنة تقريباً صرح خبير الجغرافيا الاسرائيلي (شاؤول أرئيلي ) لصحيفة Makor Rishon بأن إسرائيل في طريقها لضم الضفة الغربية وتهجير سكانها بطريقة ناعمة اتجاه الاردن ،، بعد ان قام الصندوق القومي اليهودي ( كاكال ) بشراء أكثر من ٦١٪؜ من عقارات الضفة الغربية.

أما وزير الامن القومي الإسرائيلي Itmar Ben – Gavir فقد وصف الاردن بأنه خزان بشري لازمات المنطقة! وان علاقة إسرائيل بالاردن عبارة عن لعبة غير صفرية،،، فالأردن على حد تعبيره كيان ضعيف يعيش على المساعدات والمنح يستمد شرعيته من خلال الدور الذي يقوم به كجزء من منظومة الامن القومي الاستراتيجي الاسرائيلي،، وقال ان أمريكا ترى بأن الاردن يعمل على وضعية الطيار الآلي،، وأضاف ان مواقف العرب في السر ليست كما في العلن ! ووصف الحكام العرب بأنهم لا يثقون في أنفسهم ولا في شعوبهم.

الأخطر ما قاله وزير المالية الإسرائيلي ( سموئيل سموتريتش ) قبل أشهر في باريس أنه لا يوجد شعب فلسطيني فهو شعب مُزيف ! وهي الحقيقة التاريخية التي على العرب أن يسمعوها،، وقام بعرض خريطة لإسرائيل الكبرى تضم الاردن.

كما صرح الجنرال الإسرائيلي ( يوسي كوبر فايسر ) رئيس دائرة الابحاث في الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية قبل سنتين لصحيفة Yedioth Ahronoth ان العرب شغوفون بإعفاء نفسهم من المسؤولية، ويخونون أنفسهم ! وتفكيرهم يخضع لغرائزهم،، ولا يمكن أن نُشير ولو لزعيم عربي واحد برز بأفعاله، فكلهم يبرزون بعدم بروزهم، ويهربون من كل فكرة تغير ، ويخافون من المستقبل ! ويحتجزون الاصلاح وراء القضبان،، وهم دوماً منشغلون بالحفاظ على ثرواتهم وأنفسهم فقط،، وأن من بين الزعماء العرب الذين يتاجرون بالقضية الفلسطينية يجرون على الاقل اتصالين هاتفين مع نتنياهو أسبوعيا،،. وأستشهد الجنرال الإسرائيلي بما تنبأ به الشاعر العربي السوري نزار قباني (متى سيُعلن موت العرب)

وفي هذا السياق وقبل سنوات كشفت زعيمة المعارضة في إسرائيل ( النائب تسيبي ليفني ) خلال مقابلة لها مع القناة العاشرة الإسرائيلية أنه خلال تواجدها في اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة في نيويورك التقت بزعماء عرب رفضت الكشف عن أسمائهم لأن الامر حساس للغاية قد يؤدي الى ضرر بالأمن القومي الإسرائيلي ،،،، وقالت ان الغالبية العظمى من الزعماء العرب يعملون معنا ولديهم ثقة كبيرة فينا ،،، وسربت ليفني ما مفاده أن هناك أطرافاً عربية أرسلت رسائل واضحة الى إسرائيل خلال مؤتمر السلام والامن في الشرق الاوسط الذي عُقد في وارسو / بولندا في شباط ٢٠١٩ بأن القدس والقضية الفلسطينية لم تعد أولوية عربية ،، واختتمت اللقاء التلفزيوني بأنها عرفت نقاط ضعف كل زعيم عربي التقت به.

الا تذكرون طيب الذكر (ايدي كوهين) عندما هدد الملك عبدالله الثاني باحتلال الاردن في ثلاث ساعات وبدبّابتين،، وان الجنود الاسرائيليين سيشربون الكوكتيل في لبناني سناك في عبدون.

وما قاله اسحاق رابين قبل ٣٠ عامًا (سنُخفض العرب الى جالية من الحطابين والخدم) ،،،،، وتبعه بتسحاق شامير الرئيس السابع لحكومة الكيان بقوله أن (الجيل الحاضر تكفيه الحدود الحالية! والجيل القادم سيحتاج بالتأكيد الى حدود أخرى).

أما دافيد باسيج ، الاستاذ الجامعي في الدراسات المستقبلية في قسم العلوم السياسية بجامعة ( Bar-Ilan University ) الاسرائيلية قال في محاضرة له ان الحكام العرب أصابهم الرعب من الربيع العربي فصاروا يخشون البيت الابيض أكثر مما يخشون الله ! وباتوا في حالة نكران ما بعدها حالة، تحكمهم غريزة الخوف وحب البقاء والتشبث بالسلطة حتى صاروا مسخرة لكل طلبة العلوم السياسية في العالم!

صحيفة The Times اللندنية نشرت قبل أشهر (شباط ٢٠٢٣) مقالاً للصحفي الأسرائيلي ( بن هنخت ) قال فيه ( عندما تصبح لنا معشر اليهود السيطرة الكاملة على العقبة وخليجها ، فإننا سوف نهاجم الحجاز وندمر الاماكن المقدسة الخرافية في مكة والمدينة.

لست من المشككين لكنني فَزِعٌ مما تخبئه الايام القادمة لنا، والخوف انها تُخبىء ما لا تُظهره وما لا ترتجيه! والذي ترتجيه قد يحصل عكس ما نُحب ان يكون! فكل حدث بالمنطقة لابد ان يكون له هدف معين أو غاية يُراد الوصول اليها! كما ستكون له أعراض وإشارات تسبقه وتُنبىء لحدوثه،، ولا أعتقد حتى اللحظة ان أحداً يستطيع ان يتنبأ ما بعد غزة، والى اين تسير الامور؟ وما هي السيناريوهات القادمة؟

واضح جدًا ان لدينا نقص وضعف في الدراسات الجيوسياسية التي تستشرف المستقبل خاصة البعيدة نسبياً،،،، ونعيد السؤال: هل تقوم التقديرات الاردنية على قراءة دقيقة لمكونات المشهد الانفوغرافي السياسي القادم ما بعد غزة؟ والذي برأيي سيحمل معه أكثر من سؤال يمس عمق قدراتنا السياسية والامنية.

تلك إسرائيل في مرآة الحقيقة اليوم، والمطلوب إدراك المشهد، فكل الادلة المقنعة تؤكد ان الاردن في دائرة الاستهداف الاسرائيلي المباشر سواء بمخاطر التهجير او تحويل اساطير عقائدية الي مشروعات سياسية تلتهم الاردن

الشعوب العربية محكومة بالانفعالات وردود الأفعال العاطفية الغاضبة، سرعان ما تتهاوى بعد ان يبرد الجرح

والايام القادمة ستكون حُبلى بالكثير من الاحداث والمتغيرات، والخوف أن ما يحصل حالياً ويُنفذ سيُبقي الاردن في إطار حدود سياسية رُسمت له من الخارج لن يُسمح له بتجاوزها.

المهندس البطاينة نائب سابق في البرلمان الأردني