الرئيسية / أخبار / الدولة تنهار والتعافي يبتعد.. لبنان بحاجة لدعم عاجل ومنتظم ومشروط

الدولة تنهار والتعافي يبتعد.. لبنان بحاجة لدعم عاجل ومنتظم ومشروط

يحتاج لبنان إلى دعم دولي عاجل ومنتظم ومشروط، عبر استراتيجية من المانحين تتضمن محطتين، الأولى تقدم دفعة كبيرة لإعادة الإعمار مشروطة بالإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية، والثانية توفر الدعم العاجل للشعب اللبناني.

ذلك ما خلص إليه كل من إسحاق ديوان، وهو أكاديمي وباحث ومدير سابق في البنك الدولي، وحنين السيد وهي متخصصة في التنمية البشرية تعيش في لبنان، وذلك عبر مقال في “معهد الشرق الأوسط بواشنطن” (MEI) ترجمه “الخليج الجديد“.

ومنذ 2019، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة، إذ انهارت عملته المحلية الليرة أمام العملات الأخرى، مع شح في السلع الأساسية، ولاسيما الأدوية والوقود، وانخفاض حاد في القدرة الشرائية.

وقال ديوان وحنين إن “الاستراتيجية الحالية تؤدي إلى زيادة الضغط على الحكومة للانخراط في إصلاحات أساسية كشرط مسبق للمساعدة التنموية. وهذا هو الموقف الصحيح، إذ سمحت المساعدات السابقة للحكومات المتعاقبة بتجنب الإصلاحات”.

واستدركا: “ولكن لكي تصبح هذه المرحلة الأولى أكثر فعالية، فيتعين على الجهات المانحة الدولية أن تجدد تعهداتها وأن توضح شروطها وأن تلتزم بمسار العمل هذا بشكل أكثر انتظاما مما يحدث الآن”.

واستطردا: “مع ذلك، لا شيء من ذلك كافٍ، وتوجد حاجة أيضا إلى الدعم الفوري بشكل عاجل”، محذرين من أن “عدم مساعدة السكان الآن سيؤدي إلى تدهور الأوضاع بشكل كبير، مما يجعل احتمالات التعافي في المستقبل بعيدة كل البعد عن أي وقت مضى”.

و”انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 10000 دولار إلى 4000 دولار سنويا، ووقع نصف السكان في براثن الفقر، وربع الأسر لديها طفل ينام جائعا، وارتفعت معدلات عدم المساواة”، بحسب ديوان وحنين.

وأضافا أن “هذا يحدث في سياق انهيار الدولة، إذ انخفضت النفقات العامة بمقدار عشرة أضعاف، ويتقاضى المعلمون والممرضون أجورا زهيدة للغاية، وتوقف العديد منهم عن العمل، وأصبح جيل كامل معرض للخطر: فقد تسرب ثلث الأطفال من المدارس العامة، ونسبة متساوية لا تتلقى الرعاية الصحية الأولية”.

خدمات أساسية

و”إلى جانب الحد من المعاناة الإنسانية، فإن المحطة الثانية، وهي برنامج حماية الخدمات الأساسية، ستسعى إلى منع الجروح الحالية من أن تؤدي إلى سرطان في مراحله النهائية”، كما أضاف ديوان وحنين.

وأوضحا أن “هذا البرنامج سيتضمن استمرار حصول جميع الأسر على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم وفرص كسب العيش وشبكة الأمان الاجتماعي”.

وزادا بأنه “عبر القيام بذلك، فإن برنامج المساعدات الخارجية من شأنه أن يقلل من المخاطر الجسيمة التي تواجه البلاد الآن، ومنها ارتفاع معدلات الجريمة والمزيد من الهجرة غير الشرعية وتفاقم التوترات الطائفية”.

وبالنسبة لقضية اللاجئين السوريين في لبنان، قال ديوان وحنين إنها “تزيد من تعقيد الوضع، فالدعم الدولي الذي يتلقونه يولد شعورا بالظلم والغضب بين اللبنانيين؛ لأن الوعد بتقديم الدعم المالي للفقراء اللبنانيين لم يتحقق بشكل كافٍ؛ مما أدى إلى فجوات تمويلية كبيرة، ويوجد ارتفاع خطير في معدلات كراهية الأجانب يأججها ساسة يسارعون إلى إلقاء اللوم عن إخفاقاتهم على كبش فداء مثالي (اللاجئين)”.

وأفادا بأن “المساعدات الإنسانية الرسمية للاجئين السوريين بلغت نحو 1.8 مليار دولار لكل سنة من السنوات الثلاث الماضية. وتفيد تقديراتنا بأن برنامج حماية الخدمات الأساسية الجيد التنظيم والمفتوح لجميع المحتاجين، سيخدم حوالي 4 ملايين شخص، 55% منهم لبنانيون، وسيتكلف حوالي 3 مليارات دولار سنويا”.

وشددا على أن “المطلوب هو زيادة حجم الدعم الإنساني وتنظيمه بشكل أفضل كبرنامج متماسك متوسط الأجل، ضمن هيكل يحافظ على الضغوط لإجراء الإصلاحات، بينما الدعم الآن أصبح مجزأ وغير فعال”.

و”بفصل دعم الخدمات الأساسية المقدمة مباشرة للمواطنين عن التعامل مع الدولة يمكن تعزيز المحطة المشروطة الأولى (المساعدات الإنسانية العاجلة) من خلال جعلها أكثر مصداقية”، كما تابع ديوان وحنين.

وأردفا: “لا نعتقد أن وجود شعب أقل بؤسا من شأنه أن يُخرج النظام من المأزق، بل على العكس تماما، ينبغي للبرنامج أن يعزز قدرة المواطنين على الاحتجاج ومواصلة الضغط، خاصة أنه يمكّن المجتمعات المحلية من لعب دور أكثر نشاطا في إدارة الخدمات الأساسية”.

“باختصار من خلال حماية مستقبل البلاد إلى أن يتطور الوضع السياسي بالقدر الكافي للسماح بإحداث انفراجة، فإن برنامج حماية الخدمات الأساسية المنظم تنظيما جيدا والممول من المجتمع الدولي، يمثل ضرورة أساسية للحفاظ على إمكانية تعافي لبنان مرة أخرى”، كما ختم ديوان وحنين.