قال المحلل السياسي فؤاد شهبازوف إن انضمام إيران مؤخرا إلى منظمة شنغهاي للتعاون، إلى جانب عضوية السعودية المحتملة (شريك حوار في المنظمة حاليا)، يشير إلى توسع محوري للمنظمة يحمل تأثيرات سياسية واقتصادية وأمنية بعيدة المدى ويعيد تشكيل التوازنات الدولية.
شهبازوف تابع، في تحليل بـ”منتدى الخليج الدولي” (Gulf International Forum) ترجمه “الخليج الجديد“، أن “هذا التطور يمهد الطريق لتحالفات جيوسياسية جديدة، ويزود المنظمة بنفوذ إضافي على الساحة العالمية، وبالتالي إعادة تشكيل ديناميكيات العلاقات الدولية”.
وأُسست منظمة شنغهاي للتعاون عام 2001، وهي تحالف أوروبي- آسيوي يركز على السياسة والاقتصاد والأمن، ويُطلق عليها أحيانا اسم “الناتو الآسيوي”، وعند النظر في إمكانات أعضائها وديناميكيات القوة والموارد، فإنها تمثل منافسا هائلا لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفقا لشهبازوف.
وتضم المنظمة في عضويتها كلا من الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان والهند وباكستان وإيران، وهي أكبر منظمة إقليمية في العالم من حيث المساحة والسكان، إذ تغطي دولها 60% من منطقة أوراسيا، بعدد سكان نحو 3.2 مليار، وبحجم اقتصادي يبلغ 20 تريليون دولار.
وأضاف شهبازوف أنه في 4 يوليو/ تموز 2023، عقد قادة المنظمة قمة افتراضية ركزت على التعددية القطبية والسيادة الإقليمية، وكان من أبرز أحداثها انضمام إيران إلى المنظمة بعد شهور من المفاوضات، مشيرا إلى أنه قبل 15 عاما، قدمت إيران طلبها للانضمام إلى المنظمة، وفي 2021 مُنحت صفة مراقب.
وشدد على أن “إيران كانت حريصة على الانضمام إلى المنظمة، على الرغم من تصاعد الضغوط والعقوبات الدولية بسبب فشلها في إبرام اتفاق نووي جديد (مع القوى الكبرى) وتحالفها مع روسيا خلال غزو (جارتها) أوكرانيا”.
وتنفي طهران صحة اتهامات غربية بأنها زودت موسكو، منذ بداية الحرب في 24 فبراير/ شباط 2022، بطائرات بدون طيار تستخدمها في ضرب أهداف أوكرانية. وتبرر روسيا تلك الحرب بأن خطط جارتها للانضمام إلى “الناتو”، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.
لاعب إقليمي مهم
و”على الرغم من الاختلافات، من المرجح أن يضمن التحالف الروسي الصيني الإيراني استمرار وجود منظمة شنغهاي وتوسعها. والسعودية، وهي لاعب إقليمي مهم من الخليج، مرشح محتمل آخر لعضوية المنظمة”، كما أردف شهبازوف.
وتابع: “رغم أن تحالف الرياض مع موسكو وبكين بدأ يكتسب زخما في 2016، إلا أن دخول السعودية إلى منظمة شنغهاي بدا بعيد الاحتمال بسبب تنافسها العلني مع إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
واستدرك: “لكن تحولت الديناميكيات بشكل كبير عندما وافقت الرياض وطهران على تطبيع العلاقات الدبلوماسية في صفقة توسطت فيها الصين في مارس/ آذار 2023”.
وهذه الصفقة أنهت قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات في دول عديدة، بينها اليمن والعراق ولبنان وسوريا.
و”سلط الدفء في العلاقات بين الرياض وطهران الضوء على الاتجاهات الجديدة في الاعتدال الدبلوماسي الصيني، وكشف في الوقت نفسه حدود النفوذ الأمريكي (في المنطقة)”، وفقا لشهبازوف.
وزاد بأنه “في سياق أوسع، ومنذ 2016، سعت الرياض إلى تأكيد نفسها كلاعب جيوسياسي مستقل مع استراتيجية متعددة الأقطاب، ولذلك، فإن الانضمام إلى منظمة شنغهاي من شأنه أن يُمكّن المملكة من إقامة شراكات أكثر ديمومة مع الصين وروسيا، أكبر شركائها في مجال التجارة، وأن تنأى بنفسها عن المنافسة المتزايدة بين القوى العظمى”.
منصة لبدء التعاون
وبحسب شهبازوف “سيوفر إطار عمل منظمة شنغهاي للرياض منصة مناسبة لبدء التعاون مع إيران في مجالات الاتصالات والنقل والاقتصاد، فالأعضاء المحتملين في المنظمة يجب أن يحافظوا على موقف غير عدائي وينخرطوا في حوار مع الدول الأعضاء الحالية”.
واستطرد: “وبالتالي، فمن المعقول أن الشرط الأساسي الذي وضعته الصين لعضوية السعودية في المنظمة هو تخفيف التوترات مع إيران. كما أنه من أجل الانضمام السلس إلى المنظمة، ستحتاج المملكة إلى موافقة جميع الدول الأعضاء، بما فيها إيران”.
و”يمثل وجود إيران والسعودية في منظمة شنغهاي في المقام الأول فرصة سياسية لروسيا لمواجهة عزلتها (جراء العقوبات الغربية) وتنمية الشراكات الإقليمية، فيما تركز الصين على المشاريع والعوائد الاقتصادية، لا سيما مبادرة الحزام والطريق”، كما أضاف شهبازوف.
ومضى قائلا إن “الصين سعت باستمرار إلى مزامنة الآليات الاقتصادية لمنظمة شنغهاي مع استكمال مبادرة الحزام والطريق، وتتصور مشاركة أكثر نشاطا من أعضاء المنظمة في مبادراتها الاقتصادية والتجارية الطموحة”.
وتابع: “وبهذا، فإن دخول إيران إلى منظمة شنغهاي يمكن أن يزيد من إمكانية الوصول إلى الطاقة بالنسبة للهند والصين، وهما العملاء الأساسيون لطهران. كما أن عضوية السعودية الثرية في المنظمة ستزيد من تعزيز امتدادها الجغرافي”.