الاقتصاد، والتضخّم هي الورقة الرابحة التي يرفعها الجمهوريّون فيما يبدو في وجه الديمقراطيين للفوز في الانتخابات النصفيّة للكونغرس (النواب/ الشيوخ)، والتي يتوجّه الأمريكيون في الأثناء (الثلاثاء) للإدلاء بأصواتهم، وهي مُنافسة مُحتدمة على الأغلبيّة في الكونغرس، ففي حال خسارة الديمقراطيين الأغلبيّة، ستكون إدارة الرئيس جو بايدن أمام صُعوبة في تمرير القوانين، وبالتالي شل أعمال الإدارة الديمقراطيّة للسّنتين المُتبقّيتين في عُمرها.
تفصيلاً، من يُسيطر على مجلس النواب، أو الشيوخ، الحزب المُسيطر يتحكّم في اللجان التي تكتب التشريعات، وتُقرّر الإجراءات التي ستحصل على تصويت في مجلس الشيوخ، وهذا ما يُفسّر احتدام المُنافسة بين المُعسكرين الجمهوري والديمقراطي للفوز بالأغلبيّة.
قد يكون قرار العربيّة السعوديّة في تخفيض إنتاج النفط بالاشتراك مع روسيا ضمن مجموعة “أوبك+” من الأسباب الرئيسيّة التي سوف تبدّل آراء المُواطنين الأمريكيين، الذين يشكون ارتفاع أسعار البنزين، والتضخّم، بل وخسارة الديمقراطيين، تعني عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
ترامب يُدرك أنه يُحسن إدارة الاقتصاد، ففي عهده كانت البطالة في أقل مُستوياتها، وأسعار النفط في أسعارها المُنخفضة، باهى ترامب بذلك طويلاً خلال فترة حكمه، لكن هذا المُنجز كان قد تحقّق بسياسة الدعم الخليجي، أو ما يصفه البعض بحلب تلك الدول، ذاتها اليوم التي ترفض زيادة الإنتاج النفطي، وتُلوّح إدارة بايدن بالعواقب التي أجّلتها لما بعد ظُهور نتائج الانتخابات النصفيّة للكونغرس.
الجمهوري ترامب، يبدو أنه يستعد لفوز لافت بالانتخابات النصفيّة، ولعلّه سلّط الأضواء على نفسه، حين أعلن عن وجود “إعلان مهم” الأسبوع المٌقبل، ولعلّه سيُعلن رسميّاً ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة.
وفي حين يلعب الجمهوريون على وتر التضخّم للفوز في الانتخابات النصفيّة، يُلوّح الديمقراطيون بملفّات لها علاقة بالديمقراطيّة وتقويضها حال خسارة الديمقراطيين، وعلى رأسها الحق في الإجهاض.
بكل الأحوال، ارتفاع الأسعار بمتوسط 8.2 خلال عام، يجعل الرئيس بايدن في مُشكلة، وهو الذي ينوي الترشّح لانتخابات الرئاسة القادمة 2024، وفي حين قدّم بايدن نفسه على أنه رئيس الطبقة الوسطى، بدا واضحاً بأنه لا يُلبّي مصلحة هذه الطبقة، التي لعلها ما عادت موجودة في ظل ارتفاع الأسعار.
ووفق استطلاعات الرأي الأخيرة فإنّ المعارضة الجمهوريّة تملك فرصة في الفوز بما بين 10 و25 مقعداً إضافياً في مجلس النواب، وهي أكثر من كافية لتحصل على الغالبية.
وفيما لا تزال الاستطلاعات أكثر غموضاً في ما يتعلّق بمجلس الشيوخ، يبدو أنّ الجمهوريين سيحقّقون تقدّماً فيه أيضاً.
يُدرك الديمقراطيون بأنّه من الصّعب السيطرة بالأغلبيّة على المجلسين (النواب/ الشيوخ)، ولكن خسارة الاثنين، تبدو ذات عواقب وخيمة عليهم، خاصَّةً أن الانتخابات النصفيّة يجري صرف الملايين على الترويج والتحشيد لها، في توقيتٍ يعاني الأمريكيون من أزمات اقتصاديّة.
وفي هذه المُنافسة المُحتدمة، سيجري انتخاب أعضاء مجلس النوّاب (435)، وثُلُث أعضاء مجلس الشيوخ (35) من أصل (100) نائب، وحكّام (36) ولاية من أصل (50)، و(218) مقعدًا كافية لأيّ من الحزبين للتمتّع بالأغلبيّة.
وقد يزداد المشهد تعقيدًا بالنسبة للديمقراطيين، دخول رجل الأعمال إيلون ماسك إلى المشهد السياسي بعد امتلاكه “تويتر”، وقد دعا في موقف مُتبدّل الناخبين الأمريكيين، لدعم المُرشّحين الجمهوريين، وقال ماسك في تغريدة عبر حسابه الذي يُتابعه 115 مليون شخص، “يعد تشارك السلطة من أسوأ التجاوزات التي يمكن أن تصدر عن الحزبين، لذا أوصي بالتصويت لكونغرس جمهوري، على اعتبار أن الرئيس ديموقراطي”.
خسارة الحق بالإجهاض ليس فقط الملف الوحيد الذي سيخسره الديمقراطيون خال خسارتهم الأغلبيّة في الكونغرس، وهم يُراهنون عليه مع ذلك لكسب الأصوات، الملف الأهم والأبرز، هو أنه سيكون من حق الجمهوريين حال فوزهم بالأغلبيّة منع المُساعدات لأوكرانيا، والحد من تدفّق الأسلحة أو منعها من الوصول لنظام كييف ورئيسه فولوديمير زيلينسكي، فالأولويّة اقتصاديّاً هي للأمريكيين، والكثير منهم أساساً ساخطون على إدارة بايدن لتمويلها الحرب الأوكرانيّة على حساب دافع الضرائب الأمريكي، بل إن هذا الموضوع هو الأكثر بحثاً بالنسبة للأمريكيين على محرك بحث “غوغل” في الأسابيع العشرة الأخيرة.
وفي حال سيطر الجمهوريون على الكونغرس، وفقد الديمقراطيون السيطرة، سينجح ترامب بالإطاحة برئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي (الديمقراطيّة)، والتي وصفها بالحيوانة، حيث الأخيرة بدأت تُفكّر بالتقاعد فعليّاً إذا خسر الديمقراطيّون، على خلفيّة الهجوم على زوجها بول بيلوسي كما قالت، وقرارها بات رهان فوز الديمقراطيين من عدمه في انتخابات التجديد النصفي.
بكُل حال، لا أحد يستطيع الجزم بنتائج الانتخابات النصفيّة، فظُهور النتائج النهائيّة قد يحتاج لأيّام، ولكن سيطرة الجمهوريين على الكونغرس بدأت تلوح بالأفق وفق أغلبيّة استطلاعات الرأي، وعودة دونالد ترامب للبيت الأبيض في الانتخابات القادمة مُرجّحة بشكل كبير، فالرجل أثبت وفق توصيفات إعلام أمريكيّة أنه الخيار الأنسب للاقتصاد الأمريكي، وإن كان بطُرُق الحلب وغيرها، وهو حليف مُفَضّل بالأكثر لدول الخليج، وعودته قد تُبهج بعضهم.