شر موقع «إنڤيستور إنتل» الإخباري الذي يقدم معلومات للمستثمرين وتغطية لسوق رأس المال، مقالًا لـ كريستوفر إكلستون، الخبير الاستراتيجي في مجال التعدين والاقتصاد، حول آفاق مستقبل الليثيوم في دولة الأرجنتين، موضحًا أنه إذا كانت المملكة العربية السعودية أكبر مصدِّر للنفط في العالم، فإن الأرجنتين ستكون أكبر مصدر لليثيوم في العالم بحلول عام 2030.
وفي مستهل مقاله، أشار الكاتب إلى أن الزعيم الصيني السابق، دينج شياو بينج، هو الأكثر شهرة في دوائر التعدين نظرًا لمقولته الشهيرة التي كان يرددها كثيرًا: «في حين تملك السعودية النفط، فإن الصين تمتلك عناصر أرضية نادرة». ولم تلقَ مقولته هذه اهتمامًا كبيرًا في ذلك الوقت لأن «العناصر الأرضية النادرة» – المقصود هو الليثيوم – كانت لغزًا إلى حد كبير لمعظم المُستَمعِين آنذاك، وعلاوةً على ذلك، لم تكن هذه «العناصر الأرضية النادرة» تستحق كل هذا القدر من الاهتمام، إذ لم يكن هناك كثير من التطبيقات التكنولوجية مثل التي تُستخدَم في الحياة اليومية الآن.
يتساءل التقرير حول مقدار الليثيوم الذي تمتلكه الأرجنتين على الأرجح. ويجيب أنه من الناحية النظرية، كانت تشيلي مَصْدر الحصول على الليثيوم من رواسب الليثيوم الموجودة في بحيرات المياه المالحة (المسطحات الملحية)، ولكن في موقف غريب أشبه بإحراز لاعب هدفًا في مرمى فريقه، أهدرت تشيلي هذه الميزة بمحاولتها تشديد الرقابة على عدد اللاعبين في مجال الليثيوم وإعطاء الأفضلية للاعبَيْن الحاليين. وتشير التوقعات إلى أن الأرجنتين ستتجاوز تشيلي في سباق إنتاج الليثيوم بحلول عام 2030.
وكانت نتيجة الفتور التشيلي في الترحيب بالوافدين الجدد أن أصبحت الأرجنتين المكان المناسب لأولئك الذين يرغبون في الحصول على مكان لهم في المسطحات الملحية. وأصبحت الأرجنتين في مجال الليثيوم أشبه ما تكون بالسعودية في مجال النفط، إذا أعدنا صياغة عبارة دينج.
الليثيوم: الثروات المتقلبة
يشير الكاتب إلى أن إحدى مفارقات منتصف العقد تمثَّلت في «الاستخفاف» بالمسطحات الملحية باعتبار أن طبيعتها «صعبة للغاية» أو أن العمل فيها «طويل الأجل» للغاية. ومع ذلك، كانت المسطحات الملحية مقرًّا للشركات التي سطَّرت قصص نجاح متميزة أثناء طفرة الليثيوم الأولى مثل شركات «أوروكيبري ليمتد» و«جالاكسي ريسورسيز ليمتد» و«ليثيوم أمريكاس كورب». وبالعودة إلى تلك الطفرة، وكذلك الحال في الانتعاش الحالي، هناك طفرة كبيرة في الأرجنتين التي هي جزء من مثلث الليثيوم في كل من تشيلي والأرجنتين وبوليفيا، بشكل يجعل قصص حمى الاندفاع للبحث عن الذهب في كاليفورنيا في خمسينيات القرن التاسع عشر ضئيلة وباهتة مقارنةً بالاندفاع إلى أراضي الليثيوم الأرجنتينية اليوم. ولا يستطيع المستكشفون، بالمعنى الحرفي للكلمة، الاكتفاء من أراضي الليثيوم الأرجنتينية.
وكان الحذر بشأن استغلال المسطحات الملحية مدفوعًا بالأحداث المؤسفة التي حلَّت بشركتي أوروكيبري ليمتد ورينكون القابضة للتعدين. ومع ذلك، وفي كلتا الحالتين، تعني الدروس المستفادة أن الشركات الأخرى ستستفيد من تجاربهما الصعبة. إن حجة أن هناك وقت انتظار طويل حتى يجري تطوير المسطحات الملحية -بسبب الحاجة إلى بدء عملية التبخر- ليست سديدة ولا تقف على أرض صلبة، وذلك بسبب طول مرحلة الحفر وتقدير الموارد وارتفاع تكلفتها فيما يتعلق برواسب الصخور الصلبة وارتفاع تكاليف عمليات التطوير في المناجم تحت الأرض.
لقد أدَّى انهيار شركة كندا ليثيوم كورب في البداية، بعد نهاية طفرة الليثيوم الأولى، ثم آلام المخاض التي عانت منها شركة نيماسكا ليثيوم، في بداية الانتعاش الأخير، إلى إزعاج عديد من المستثمرين بشأن مناجم الإسبودومين (مصدر الليثيوم) الكبيرة تحت الأرض.
التدافع نحو الليثيوم
يلفت الكاتب إلى أنه على الرغم من المخاوف بشأن الاتجاه السياسي للأرجنتين، أصبح الطريق المجازي إلى فرصة الحصول على المسطحات الملحية الأرجنتينية أشبه بالطريق السريع مؤخرًا في لوس أنجلوس في ساعة الذروة. إن الأرجنتين ضالعة في لعبة الليثيوم منذ عقود، ولذا فهي ليست مُبتدِئة، ولكن كان يُنظر إليها دائمًا على أنها تأتي في المرتبة الثانية بعد تشيلي. ولما كان الطريق إلى فرص بدء مشروعات جديدة وتطويرها في تشيلي مليئًا بالعثرات والمعوِّقات، أصبح عديد من مقاطعات الأنديز في الأرجنتين مدنًا مزدهرة بحق لصالح أصحاب المركبات الكهربائية العالمية.
وانضمت شركتا أوروكيبري ليمتد وجالاكسي ريسورسيز (دُمِجتا بعد ذلك في شركة واحدة) إلى شركة لايفينت (إف إم سي سابقًا) العريقة، ثم حدث تدافع في مجال الليثيوم كتدافع الأفيال مع شركات بوسكو وجانفينج ليثيوم وتيان شي ليثيوم ومؤخرًا سايجين مايننج جروب التي وضعت معايير مرتفعة للغاية بخطوتها المذهلة التي تمثلت في شراء شركة نيو ليثيوم كورب.