الرئيسية / أخبار / الجانب الخفي لضم وادي الأردن

الجانب الخفي لضم وادي الأردن

د. شهاب المكاحله

أثار الضجيج الإعلامي مؤخراً بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتعلق بضم أراضٍ في الضفة الغربية موجة من المغالطات هدفت إلى تحويل الانتباه عن واحدة من أكبر المؤامرات لسرقة الأراضي الخاصة بالشعب الفلسطيني منذ بدء الاحتلال في عام 1967.

فماذا وراء الدافعين الإيديولوجي والأمني ​​اللذين تزعم تل أبيب أنهما وراء هذا القرار؟ هناك سر كبير يتعلق بغسيل الأموال عن طريق سرقة الأراضي بفرض قانون إسرائيلي على المنطقة “ج” (إذ إن ٦٠ بالمائة من الضفة الغربية خاضعة للسيطرة الإسرائيلية) بما في ذلك غور الأردن. وهنا تكمن اللعبة: نقل الأملاك الشخصية الفلسطينية لتصبح تحت اسم سيادة دولة إسرائيل التي ستسارع فيما بعد على توزيعها على شعبها وطرد أصحاب الأراضي الأصليين منها إلى دول مجاورة بتنسيق دولي وإقليمي لأن هناك حربا إقليمية ستندلع حتماً في الأشهر القادمة عقب انتهاء الحظر المفروض دولياً والذي تسبب به فيروس كورونا.

في حرب الـ ١٩٤٨ وحرب ١٩٦٧ طردت إسرائيل الفلسطينيين من أراضيهم بل ولم تسمح لهم بالبقاء لأن ذلك سيؤثر على التركيبة الديموغرافية لدولة إسرائيل، ففر الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني إلى الأردن وغيرها من الدول العربية، واستقر الكثير منهم في المخيمات. وفي العام ٢٠١٤، قضت لجنة موسعة من سبعة قضاة في المحكمة العليا الإسرائيلية بأن ضم القدس الشرقية مكَن من تطبيق قانون “الممتلكات المهجورة” على ممتلكات الفلسطينيين الذين فروا أو طُردوا إلى الضفة الغربية ومنها إلى الدول العربية مع فتح باب العمل والهجرة للفلسطينيين في أوروبا وأميركا وأستراليا.  وتبعاً لذلك، فإن ضم أجزاء من الضفة الغربية سيحول أراضي النازحين على الفور إلى ممتلكات مهجورة تعطي الدول الإسرائيلية حق التصرف فيها بوضعها تحت الحكم العسكري.

إن فرض القانون الإسرائيلي على غور الأردن هو أفضل صفقة عقارية منذ تمرير قانون الممتلكات المهجورة قبل 70 سنة. إن قانون ضم وادي الأردن سيعمل على إنهاء اتفاق السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب لأن تل أبيب لجأت منذ العام ٢٠١٧ إلى أكبر سرقة للأراضي في الضفة ووادي الأردن فيما يسميه خبراء الاستراتيجيات الدفاعية بغسيل الأراضي. وهذا يعني تهديداً أمنياً للأردن ولسوريا ولبنان.

ولعل ما يمكن أن يقلب الطاولة على رأس من يريد تغيير معادلة وادي الأردن وتهميش دور الأردن أن تعمل الحكومة الفلسطينية لحماية مصلحة الشعب الفلسطيني لا شخصيات ما في الضفقة وقطاع غزة لأن إسرائيل هي المستفيدة من الانقسام الفلسطيني. دعم الشعب الفلسطيني والأردني لمواقف القيادة الأردنية الرافضة لأي تغيير على أرض الواقع بالقوة لأن ذلك يخالف معاهدات السلام الموقعة بين إسرائيل والأردن والسلطة الوطنية سيهم بشكل كبير في عرقلة هذا المشروع بل وتغيير مساره ووأده قبل البدء بتنفيذه.

ووفق مصادر روسية وأميركية فليس هناك مباحثات روسية أميركية بهذا الخصوص لأن روسيا ترى ان سلوك إسرائيل تجاه الضم جاء من جانب واحد فقط؛ ولكن هناك تواصل فلسطيني منذ مدة وزيارات عديدة لمسؤولين فلسطينيين لموسكو لوضع حد لتجاهل تبل ابيب لمطالب الفلسطينيين. ويكفي ان نقول ان إسرائيل لا تسمع من غير الحلفاء. ففي محاضرة بتاريخ ٢٨ يناير ٢٠٢٠، بمعهد ويلسون في واشنطن، دعا عاموس جلعاد، وهو ضابط سابق في الاستخبارات الإسرائيلية وكان رئيساً للدائرة الأمنية والعسكرية في وزارة الحرب الإسرائيلية، إلى التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوصفه “ديكتاتورا” على حد تعبير جلعاد وأنه، أي بوتين ليس صديقاً لإسرائيل وأن موسكو ليست “حليفاً” لتل أبيب وأن “إسرائيل مضطرة للتعامل معه من باب دفع الشر”. ووصف علاقة بلاده بالولايات المتحدة بأنها متينة وقوية وأن “إسرائيل من دون الولايات المتحدة لا تساوي شيئاً، فهي الحليف والصديق والشريك الضامن والراعي.”

ويرى خبراء استراتيجيون إن إسرائيل بلا وادي الأردن تصبح مكشوفة للعدو من كل جانب وعليها أن تعمل على حماية مصالحها والضغط من أجل الحصول على المزيد من المرتفعات الشبيهة بمرتفعات جبل الشيخ وهضبة الجولان. وهذا يعني أن سياسة إسرائيل التوسعية لن تتوقف عند معاهدة سلام موقعة بينها وبين خصومها تحت ظرف زمني وأمني ما.

لذلك على الفلسطينيين وضع خطة للتعامل مع تل أبيب ومعرفة مطالبهم الموحدة لأنه ما من دولة في العالم ستقف مع الفلسطينيين ما لم يوحدوا مواقفهم كما ان الشعب الفلسطيني والأردني يجب أن يدعم نهج جلالة الملك عبدالله الثاني السياسي للحيلولة دون فوات الفرصة للتصدي لقرار الضم بتوحيد الصفوف ونبذ الفئوية والجهوية وغيرها من القضايا التي تشكل نقاط ضعف يستغلها العدو لزرع الفتنة.