سليم البطاينة
يقول William Sullivan أخر سفير أمريكي في ايران قبل رحيل الشاه في كتابه ( امريكا وايران ) ، التفت الشاه نحوي وقال ان هناك مؤامرة تنشط ضدي وانا لا استغرب أن السوفيت والإنجليز يفعلون ذلك ولكن ما يحزنني هو دور ال CIA في المؤامرة؟ فما الذي أقترفته ضد امريكا حتى يعاملوني بتلك الطريقة؟
فأمريكا دأبت على التخلي عن حلفائها عندما يصلون إلى وضع لا يستطيعون فيه أن يقوموا بالأدوار التي تدعمهم لاجلها فسياسة أمريكا هي أن الحاكم كعود الكبريت يستخدم لمرة واحدة ثم ينتهي بالنسبة لهم خاصة اذا كان هذا الحاكم لا يستمد قوته من شعبه وليس له حاضنة شعبية من حوله فتاريخ أمريكا حافل بالغدر والخيانة لأصدقائها، والاعتقاد والاعتماد على حسن النوايا بها والصداقة الدائمة معها خطأ كبير، فرغم تغير الزمان وتبدل المكان تبقى سياسة أمريكا واحدة ثابتة لا تتغير من منطلق ( لا صداقة مع أحد تدوم ولا وفاء لأحد يستمر؟ فأعداء الامس قد يصبحون أصدقاء الغد والعكس صحيح فالغدرُ هو منطقهم السياسي في التعامل مع الأنظمة الحاكمة في كل زمان وفي أي مكان، ولا يستثنى من المنطق أحد في المنطقة سوى اسرائيل، فهي تتحالف معها كدولة ولا تتحالف مع رئيس أو أي حكومة كانت.
فأمريكا تخصصت عبر عقود طويلة من الزمن في بيع حلفائها وأصدقائها بمجرد أن تجد البديل الأفضل، فلم نرى أو نسمع أنها مدت يد العون لحليف أو صديق والأمثلة كثيرة لزعماء دول وثقوا بأمريكا ( الرئيس الباكستاني برويز مشرف، وشاه ايران، والرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس ومانويل نوريجا رئيس بنما وإدوارد شيفازنادزه رئيس جورجيا وسوهارتو رئيس اندونيسيا وبينوشيه دكتاتور تشيلي وباتسيا دكتاتور كوبا وموبوتو رئيس الكونغو وبن علي رئيس تونس والملك السنوي ملك ليبيا وغيرهم وغيرهم من قادة دول العالم.
فأمريكا لديها الاستعداد لأن تتحالف مع من يريد أن يتحالف معها، ولكن من ينهار تتركه يتخبط في انهياره، ففي الطابور عشرات الذين ينتظرون شغور المكان فالصداقة المفقودة بتاريخ الولايات المتحدة الامريكية لا تحسب ضمن خسائرهم فقادم الأيام سيظهر لنا مدى ديناميكية السياسة الأمريكية وقابليتها في تغير واجهاتها السياسية في المنطقة.