د. سماء سليمان
دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية وخبيرة في العلاقات الدولية
بناء على التوصيات التي صدرت عن منتدى شباب العالم في نوفمبر 2019، يعقد منتدى الشباب العربي والإفريقي كجزء من منتدى شباب العالم على مدار ثلاثة أيام من 16-18 مارس الحالي، يحضره حوالي 1500 شاب من مختلف دول المنطقة العربية وقارة أفريقيا، ويأتي تحت عنوان “الهوية الإفريقية” وتدور فكرته حول منح الشباب المصري ونظرائهم في الدول العربية والإفريقية فرصة لتطوير ودعم أفكارهم المختلفة في جميع المجالات وذلك من خلال تنظيم عدة فعاليات على مدار العام.
بداية، جاء اختيار محافظة أسوان لعقد المنتدى ولتكون عاصمة للشباب الإفريقي لما تتمتع به المحافظة من إرث تاريخي وسياحي وحضاري مما يجعلها مؤهلة لأن تكون مكانا لتقريب الثقافات الإفريقية وإحياء دور مصر التجاري والثقافي في قارة أفريقيا.
أهمية عقد المنتدى في مصر:
يمكن القول أن عقد المنتدى له أهمية كبير لمصر وللدول العربية والإفريقية كالتالي:
1-يعد المنتدى أحدى ثمار السياسة الوطنية في الاهتمام بالشباب المصري والعربي والإفريقي.
2- يعمق دور الشباب في القارة الإفريقية.
3- فرصة حقيقة للبحث عن كيفية استثمار الطاقة الشبابية في دفع عجلة التنمية في القارة.
4- يوفر التفاعل بين الشباب المصري والعربي والإفريقي وهو يعد خطوة مهمة في توطيد العلاقات المصرية والإفريقية ويخلق روحا من المودة والتآلف والانتماء بين الشباب.
5-فرصة للاستماع للشباب وفرصة للتعبير عن أفكارهم وطموحاتهم ومعرفة الآخر.
6-تتيح الفرصة لقيادات شابه أفريقية وعربية ومصرية ليكونوا في المستقبل صناع قرار في دولهم ويضمن التفاعل والتعارف فيما بينهم في المستقبل.
7-يخلق نوع من التفاهم والوعي بالقضايا الوطنية وقضايا القارة
8-يعد فرصة لتعزيز الانتماء والهوية العربية والإفريقية.
9-تعزيز التعاون والتكامل بين دوائر سياسة مصر الخارجية العربية والإفريقية.
10-يعكس مكانة مصر كبوابة للعالم نحو أفريقيا ونافذة أفريقيا على العالم.
دلالات عقد المؤتمر لمصر وللقارة الإفريقية:
تنبع هذه الدلالات من واقع القضايا التي تم مناقشتها في المنتدى والتي تهدف إلى تحقيق السلم والأمن وتحقيق التنمية المستدامة وزيادة الاستثمار وتمكين الشباب في القارة، وذلك من خلال قراءة أجندة المنتدى، كالتالي:
1-الأمن والسلم في منطقة الساحل: تحتل هذه القضية مساحة من الأجندة حيث خصص لها ورشة عمل كاملة، الأمر الذي يعكس أهمية تحقيق السلم في منطقة الساحل الإفريقي لتحقيق التنمية المستدامة لشعوب هذه المنطقة وهو ما أكد عليه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته الافتتاحية عندما قال: لا يخفى على أحد حجم التحديات التي تواجهها الإنسانية وذلك الانتشار غير المسبوق للصراعات والنزاعات التي خلفت حجما من الدمار والتخريب لم يشهد التاريخ مثله، وأصبحت مشاهد اللاجئين معتادة وصوت صرخات الأطفال والثكالى جزءا من حياتنا اليومية”، مما يعني أن تحقيق السلم والامن في القارة يأخذ الأولوية الأولى على أجندة المنتدى.
2-وادي النيل ممر التكامل العربي الإفريقي: وهو ما يعد هدفا رئيسيا للمنتدى ورغبة من مصر في تعميق فكرة التكامل لدى الشباب العربي والإفريقي، ليشاركوا في تحقيقه وليكملوا مسيرة التكامل بعد وصولهم إلى مواقع صنع القرار، وهو المشروع الذي يمس الأمن القومي العربي والإفريقي في نفس الوقت والذي يعد مكملا للمحور الأول الخاص بالسلم والأمن وتحقيق التنمية المستدامة ليس فقط لدول وادي النيل ولكن لدول القارة أيضا.
3-ريادة الأعمال: خاصة أنها من المهارات التي نفتقدها في العالم العربي والافريقي ويمكن القول أنها الحل الأمثل لمشكلة البطالة فمع تزايد القوى العاملة وتناقص فرص التوظيف خاصة الحكومية تظهر الضرورة الملحة لإنشاء مشاريع جديدة تستوعب هذا الكم من الشباب، ومن ثم فإن ريادة الأعمال تكتسب أهمية كبيرة في الدول العربية والأفريقية لأنها تخلق فرص عمل جديدة وتعمل ريادة الأعمال على تقدم الدول والارتقاء بها من خلال خلق أسواق جديدة وبالتالي جذب المستثمرين وتنشيط حركة التبادل التجاري والاقتصادي، وأيضا دعم الاقتصاد وخاصة الذي يقوم على المشاريع الصغيرة والمتوسطة لأن انعدام ريادة الأعمال في الطبقات المتوسطة يضر باقتصاد الدول ويضع عبء كبير على عاتقها بسبب تزايد معدلات البطالة. كما يصب ريادة الأعمال في دعم المستهلك، حيث يوفر ميزة تنافسية كبيرة في الأسواق تصب لصالح المستهلكين، فمع ظهور منتجات جديدة وأسواق مختلفة طوال الوقت وتعدد الاختيارات أمام المستهلكين ينتفي معه جانب الاحتكار، وتسعى كافة الشركات لإرضاء العملاء وجذبهم من خلال تطوير منتجاتها بشكل مستمر والسعي لتقديم أفضل جودة ممكنة بأقل سعر، بالإضافة للعروض الترويجية المختلفة ومن ثم يصبح المستهلك هو المستفيد الأول في هذه الحالة بالإضافة إلى الاحتفاظ بالأيدي العاملة بدلا من هجرتها للعمل بالخارج، يرجع أهمية هذه القضية لتحقيق التنمية التي تحتاج إلى تعاون بين دول القارة لتنشيط التجارة البينية وفتح أسواق جديدة وفرص استثمار والعمالة من الشباب، ومن ثم هناك حاجة لإنشاء جهاز لحماية الاستثمار في أفريقيا.
4-البحث العلمي وخدمات الرعاية الصحية: تنبع ضرورة الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي والصحة لأن ذلك يوفر بيئة مناسبة لاحتضان الشباب لأنها محددات تخلق إنسانا سويا، فضلا عن أن التعليم الصحيح وخاصة الديني لا يترك المجال للمتطرفين من أبناء القارة للانضمام للجماعات المتطرفة، ومن ثم جاءت أهمية هذه المنتديات لفتح قنوات للحوار والتواصل السلمي بين الشباب والقيادات وهذا يعطي فرصة للشباب للتعبير عن وجهات نظرهم وآرائهم لمكافحة الإرهاب الذي ينتشر مع انتشار الفقر والفكر المتطرف.
5- التكنولوجيا المالية والابتكار: مما لاشك فيه أن دول القارة بحاجة لتبادل المعلومات والخبرات التي تساعد على دفع الاستثمار خاصة أن العالم على أبواب ثورة صناعية رابعة ومن ثم بات التحول الرقمي وقضية الشمول المالي أولوية على أجندة المنتدى.
كما ذكر السيد الرئيس في كلمته: “أن مصر تضع الشباب كأولوية تحظى بالاهتمام والرعاية من أجل مستقبل بلا صراعات من خلال إيجاد مساحة مشتركة بين الشباب بشكل حضاري من خلال مؤتمرات ومنتديات الشباب التي خلقت حالة حوارية حضارية ممكن تعميمها، خاصة أن التحاور مهم ويسهم في غد أفضل للشعوب العربية والإفريقية، كما تعكس هذه المؤتمرات إيمان مصر بدور الشباب في العمل من أجل بلدانهم”.
وختاما، يمكن القول أن حرص مصر لعقد هذا المنتدى ينبع من كونها خطوة تتخذها مصر لتوحيد ودمج شعوب القارة وكسر الحواجز والحدود بين أبناء القارة الواحدة ودعم التواصل بين شعوبها، ومصر لديها تجربة في الاستماع لضبابها والاهتمام بهم وتمكينهم ويمكن تصديرها للقارة ومنها مؤتمرات الشباب ومنتديات شبابا العالم الأول والثاني ومنتدى الشباب العربي والافريقي والذي سوف يعقد مختلف الدول الإفريقية على مدار العام