من شجار أوكوس (AUKUS) إلى تكتيكات التصعيد التي تتَّبعها الصين في أوروبا، إليك بعض أهم نزاعات دبلوماسية من العام الماضي، والتي يمكن أن تلاحقنا في العام المقبل.
نشرت مجلة «فورين بوليسي» مقالًا لروبي جرامر، مراسل شؤون الدبلوماسية والأمن القومي في المجلة الأمريكية جمع فيها خمسة خلافات دبلوماسية من المتوقع أن تستمر وربما تتفاقم في عام 2022، حيث لا تلوح في الأفق أي مؤشرات على اقترابها من الحل، وتمتد هذه الأزمات جغرافيًّا من أيرلندا في أقصى الغرب إلى الصين في أقصى الشرق، وتحظى منطقة الشرق الأوسط باثنين منها.
ويقدم الكاتب لموضوعه على النحو التالي، فيقول إن هذا هو الحال في كل عام؛ إذ يمكن أن يكون للنزاعات بين الدول حول هذه المسألة أو تلك تداعيات جيوسياسية كبيرة وتحمل معها كل ملحقات الخلاف الدبلوماسي مثل الحظر التجاري، أو استدعاء السفراء، أو التهديد بالحرب، أو (الأسوأ من ذلك كله) تصريحات وزارة الخارجية السلبية والعدوانية.
وأثبت هذا العام أنه ليس استثناءً، بما في ذلك خلاف دبلوماسي يوضح صعود الصين المتزايد ومحاولة خنق منتقديها في الخارج فيما تقف دولة صغيرة في منطقة البلطيق في وجه الصين حول سياستها بشأن تايوان، وكان هناك مزيد من الدراما المتعلقة بالصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهذه المرة بين واشنطن وبعض أقرب حلفائها الغربيين (أستراليا) بشأن صفقة غواصات جعلت باريس تدخل في حالة من الهياج.
وبعد ذلك، هناك حرب استنزاف دبلوماسية طويلة تتمثل في خروج المملكة المتحدة من أوروبا، حيث تعثرت مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بين بروكسل ولندن وأيرلندا المجاورة بشأن الترتيبات الحدودية لأيرلندا الشمالية، بطريقة يمكن أن تقلب اتفاق سلام دامَ عقودًا.
وفي الشرق الأوسط، دفعت نزاعات دبلوماسية جديدة بين لبنان والسعودية (بسبب تصريحات وزير الإعلام السابق جورج قرداحي) الرياض إلى سحب المساعدة الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها ووقف التجارة مع بيروت، وفي شرق أفريقيا، قد يؤدي الخلاف المستمر منذ فترة طويلة بين إثيوبيا ومصر والسودان حول بناء إثيوبيا لسد على نهر النيل إلى تفاقم التوترات في منطقة غارقة بالفعل في أزمة، خاصة وأن السفير المصري حثَّ واشنطن على التدخل.
فيما يلي بعض أهم الخلافات الدبلوماسية التي شهدناها في العام الماضي، كما تُروى من خلال عيون رؤساء الوزراء ووزراء الخارجية والخبراء والمبعوثين السابقين الذين عاشوا في خضمها، ولن تكون هذه القصص آخر ما تسمعه عنها، ومن المرجح أن تتردد أصداء عديد من هذه الخلافات في عام 2022.
1– نزاعات دبلوماسية حول إتفاق أوكوس
بقلم تشارلز إديل، 24 سبتمبر (أيلول)
أبرمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اتفاقية أمنية جديدة مع أستراليا هذا العام (تُعرف باسم أوكوس) لمواجهة الصين، مما يسمح لأستراليا بتصنيع غواصات نووية لأول مرة، وهناك عقبة واحدة بسيطة قد تتصدر النزاعات الدبلوماسية: وهي عدم إشراك فرنسا في الأمر، وكانت أستراليا قد ألغت فجأة عقدًا كبيرًا بمليارات الدولارات مع فرنسا للغواصات غير النووية، واحتدم غضب باريس، لقد أدت الصفقة إلى شقاق كبير بين الحلفاء الغربيين، واستدعت فرنسا سفيرها من واشنطن، وكذلك كانبيرا، لأول مرة على الإطلاق، كما أطلقت سلسلة من عبارات التوبيخ الحاد لكل من واشنطن ولندن وكانبيرا.
ثم كان هناك رد فعل غاضب من بكين في وقت كانت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تسوء بالفعل، وجادل تشارلز إيدل، وهو باحث بارز في مركز دراسات الولايات المتحدة بجامعة سيدني، الذي كتب لمجلة «فورين بوليسي» أن الصين لا يجوز لها أن تلوم إلا نفسها، وأن أوكوس هي خطوة ذكية – ولكنها جزئية فقط – لتعزيز تموضع الولايات المتحدة وحلفائها في المحيط الهندي والهادئ لمواجهة بكين.
2– الصين وتوترات ليتوانيا وتايوان
بقلم روبي جرامر، 7 سبتمبر
أثارت ليتوانيا خلافًا دبلوماسيًّا جديدًا هذا العام مع الصين بشأن موقفها من تايوان، الجزيرة المستقلة والخاضعة للحكم الديمقراطي التي تعُدُّها بكين جزءًا من أراضيها، وفي وقت سابق من هذا العام، وافقت ليتوانيا على تبادل المكاتب الدبلوماسية مع تايوان وسمحت لها باستخدام اسم (تايوان) في مكتبها في ليتوانيا – وهو خط أحمر كبير لبكين إذ يستخدم عديد من الدول الأخرى التي تبادلت مكاتب دبلوماسية مع تايوان العاصمة تايبيه، في اسم المكتب بدلًا من تايوان لتجنب غضب الصين.
وردًّا على ذلك، استدعت الصين سفيرها من فيلنيوس، وأوقفت الشحن بالسكك الحديدية إلى ليتوانيا، وقيدت تصاريح للصادرات الليتوانية إلى الصين. وعلى الرغم من كل هذه الطلقات التحذيرية، قال وزير الخارجية الليتواني جابريليوس لاندسبيرجيس لمجلة «فورين بوليسي» في وقت سابق من هذا العام إن بلاده لن تتراجع، وإن تكتيكات بكين العدوانية يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، وقال لاندسبيرجيس: «في بعض الأحيان يكون الأمر عكس ذلك تمامًا – فالضغط يزيد من مرونة البلاد بدلًا من تحطيمها»، كما حذَّر من أن بلاده يمكن أن تكون «علامة تحذير مبكر» لكيفية ضغط الصين على الدول الأصغر التي لا تنصاع لإرادتها.
3- واشنطن وحدها تستطيع إنقاذ مفاوضات سد النهضة
بقلم معتز زهران 29 أبريل (نيسان)
كما لو لم يكن هناك ما يكفي من النزاعات الدبلوماسية والصراع في شرق أفريقيا بالفعل، فلا يزال هناك نزاع طويل الأمد يحتدم بين إثيوبيا والسودان ومصر حول مشروع سد ضخم على نهر النيل أدَّى إلى تأجيج التوترات الإقليمية، ولا يبدو له نهاية في الأفق، لقد تعثرت كل جهود الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي للتوسط في اتفاق بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير على النيل الأزرق.
لكن سفير مصر في واشنطن، معتز زهران، قال في مجلة «فورين بوليسي» إن بلاده بحاجة إلى الولايات المتحدة للمساعدة في التوسط في النزاع وتأمين حقوق بلاده المائية، وكتب زهران: «إن إدارة بايدن، التي تدرس حاليًا أفضل سياسة لإدارة هذا الوضع، يجب أن تتحرك الآن، إن مستقبل النيل على المحك، وهو شريان حياة لملايين المصريين والسودانيين».
4- لبنان هو التحدي الأكثر إلحاحًا لأوروبا
بقلم فيصل عيتاني وعظيم إبراهيم 15 أكتوبر (تشرين الأول)
يتأرجح لبنان على شفا الانهيار الاقتصادي، والآن، يمر بخلاف دبلوماسي جديد مع السعودية، بدأ بتعليقات وزير في الحكومة على دور الرياض في الحرب في اليمن، والدراما الأخيرة عبارة عن أخبار سيئة لاقتصاد لبنان الهش – ولأوروبا. وقد حذَّر الخبيران في سياسة الشرق الأوسط، فيصل عيتاني، وعظيم إبراهيم، من أن الانهيار المالي في لبنان سيؤجج أزمة سياسية ولجوء جديدة على أبواب أوروبا.
وهناك ملايين اللاجئين من سوريا ودول الشرق الأوسط الأخرى الذين فروا من الحرب والصراعات ليستقروا في لبنان، وكثير منهم يعيشون بالفعل في فقر مدقع، وكتب عيتاني وإبراهيم: «هذه بالفعل وصفة للهجرة الجماعية، ولكن إذا تدهور الوضع الأمني، فلا مفر من الهروب. ومع بقاء عدد قليل من الملاذات في المنطقة، سيكون الطريق الأكثر عقلانية هو التوجه إلى أوروبا».
5- تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
بقلم روبي جرامر وإيمي ماكينون، 24 سبتمبر
يبدو أن كل الدراما القانونية والسياسية المحيطة بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي لن تنتهي أبدًا، وتركز حرب الاستنزاف الدبلوماسية الأخيرة على ترتيبات الحدود بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع أيرلندا الشمالية، وإذا لم تتمكن لندن وبروكسل من تسوية خلافاتهما، فإن بعض صناع السياسة في الولايات المتحدة وأوروبا يخشون من أن ذلك يمكن أن يقلب اتفاق السلام لعام 1998 الذي أنهى عقودًا من الصراع الطائفي في أيرلندا الشمالية، وقال وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني لمجلة «فورين بوليسي» هذا الخريف إن: «التهديد الحقيقي هنا يتمثل في انهيار مؤسسات اتفاق الجمعة العظيمة، الأمر الذي سيكون إشكاليًّا للغاية»،.