الرئيسية / أخبار / رسالة غازي القصيبي إلى مخترع الفياجرا

رسالة غازي القصيبي إلى مخترع الفياجرا

المهندس سليم البطاينه

لم أتوقع ان اكتب مقالاً بهذا العنوان ! ولم أكن لأكتبه بعد ان بات فضائُنا العربي مُسطحاً الى الدرجة التي يَبرزُ فيها الفعل المُخل بالكرامة.

وأعرف أن كلماتي هذه لن تجدي شيئاً حيال ما حدث ويحدث حالياً، لانها لا تصلح الأوضاع وإنما تفضَحُها.

الراحل غازي القصيبي لم يكن كاتباً عادياً،، بل هو الوزير والسفير والأكاديمي، والشاعر، والأكاديمي العربي الحاضر بوطنه، الذي أسهم في إنارة العقول للإحساس بالكرامة.

سأوجز هنا بعضاً من فقرات رسالته الى مخترع الفياجرا:

يا سيدي المخترع العظيم، يا من صنعت بلسماً قضى على مواجع الكهولة، وأيقظ الفحولة ! أمَاً لديك بلسماً يعيد في أمتنا الرجولة؟ ( انتهى الاقتباس).

نبدأ من السؤال الصعب، ونقول ما لم يُقال منذُ زمن طويل : ماذا نُسمي هذا الزمن؟

وان كنت أتحرّج احياناً من كتابة بعض العبارات! إلا أنني عثرت على كلمات ومسميات كثيرة مثل: (زمن العُرِي العربي ! وزمن الذل والهوان ! وقلة الكرامة !).

لقد أكثرنا بحثاً وتحليلاً في تفاصيل ما يحدث في بلاد العرب ! حتى تشابهت العناوين والأفكار، وبدا للبعض ان كل شي قيل وانتهى!

لكن مازال هناك من يطرح الاسئلة، ويغوص في الأعماق، رغم يقينه أن الحقيقة لا تخطئها عين، ولا يتجاوزها عقل،،، فـ قائمة الخِزِي طويلة، واستعراضها يُفقدها جدواها ! لكن دعونا نسأل بسخرية : هل ما زلنا نتحدث عن الكرامة ؟ أم أن هناك من تخلى عنها، وباعها ليصبح بلا مبدأ أو كرامة؟

فـ أيّة كرامة هذه عندما تُناقَش مصائرنا ونحن خارج القائمة ؟ يُقرّر فيها مصيرنا، وتُرسَم خرائطنا بشراً وحدوداً! ونحن آخر من يعلم؟

ومثلما الأمل فعل مقاومة لليأس فإن الكرامة فعل مقاومة للذل ونزع المعنى….. فـ الكثير من الحيوانات لها كرامتها ! وهناك قصص عن قطط وكلاب أُهينت من قبل أصحابها ! فأضربت عن الطعام أنفة وكبرياء.

هكذا يُختطف التاريخ وتُغتصب الجغرافيا! و تُستباحُ الأوطان!

أمّة تقف على هامش التاريخ ! فاقدة لشرعيتها،، هرب منها حاضرها، وتركها غارقة في دمار أهلها وخراب عمرانها!

شرق أوسط يحترق، وجنون سياسي ملتهب! 22 دولة عربية غالبيتهم لا يزنون صفراً! يصارعون حاضرهم من أجل البقاء لا من أجل الارتقاء! بل من أجل الرغيف!

متخصّصون في الجنازات ! يَحفرون قبورهم بأيديهم.

لم يبقى شيء في الفضاء العربي يمكن أن يعوّل عليه … وعلى حد علمي وهو أقرب ما يكون الى الجهل لم يعرف العرب وصفاً أسوأ من هذا الوضع في التاريخ ! فهم الأكثر تمزقاً نسبة إلى دول العالم !

النظام العربي شبع موتاً وصار جثة هامدة ! والعقل العربي يواصل انكساراته المتتالية ولا يسعى لإتعاب نفسه، والحلم العربي لم يبقى منه إلا كلمات وألحان!

ومصطلح الوطن العربي لم يعد له أي دلالة على مستوى الواقع!

العالم يتغير ونحن أول ضحايا هذا التغيير ! والمشروع الصهيوني لن ينتهي بالتقسيم ! والشرق الأوسط لم يعد يُحكَم بالقوة ! بل بالخوف المعاد تدويره ! الذي يحدد فيه الأقوياء من يستحق الحياة،، ومن يجب ان يموت !

الحاجة مُلحّة الى من يبحث في النصوص ! وإلى عقل يفكر في اليوم التالي ! ويسأل ماذا بعد ؟ لا عقل يعيش لحظة الانفعال !! فالتاريخ لا يرحم،، ولهذا نكتب لنوقظ الضمير قبل ان يسلم رايته للمخصيّين العرب.

الحرب على غزة جاءت لتكشف كل المُخبأ !

فـ بعد غزة ستبدأ المرحلة الحقيقة،، و ستطلب إسرائيل علانية من القادة العرب وقبل انتهاء ولاية ترمب ( في مؤتمر دولي ) الإعتراف الصريح بالحق التاريخي لليهود ( غير محددة الجغرافيا ) في أراضيهم وفق ما جاء في كتابهم وتعاليم تَلمودهم !

أعرف أننا لن نستطيع الهروب من مشروع الشرق الأوسط الجديد ( الذي ظهر لأول مرة في مؤتمر جورجيا عام ٢٠٠٦ الذي عُقدِ بحضور الدول الصناعية الثمانية ) ! وأعرف أن العرب بكل شعوبهم ودولهم غير قادرين على خلق توازن قادر على إفشال مخطط تفكيك العالم العربي …… لكن كيف لنا كعرب أن ننتصر لشرق جديد غير الذي يحلُم فيه نتنياهو وإسرائيل ؟ نعم … هذا هو حالنا اليوم : الكل يسأل والصمت سيد الجواب ! والشاطر يبحث عن سلامة رأسه !

ولعل ذلك يذكرني برواية الكاتبة الفرنسية Laurence Tardieu التي حملت عنوان ؛ ( وفي النهاية الصمت ! )

الدرس واضح،، العالم العربي لن يخرج من محنته بلا خيال وانتصاب سياسي،،، وهذا لن يتم بوجود العائمين فوق الحقيقة !

فقد جرت العادة ان نحكُم بالإعدام على من يشهد الحقيقة !

وهنا أُحاول ان اجد اجابة منطقية لعدّة أسئلة : ماذا نتوقع ان يحدث ؟ وأي مستقبل ينتظرنا ؟ وما الذي سنتركه خلفنا ! وأي ذاكرة ستُخلدنا ؟ وكيف سيتعامل التاريخ معنا ؟

وهل ستذكُرنا الأجيال كأمة انهارت وذابت عبر التاريخ ؟

ولأنني وجدت نفسي عاجزاً عن تقديم الإجابات ! أترك لكم الإجابة عليها !!

كاتب اردني